كم كان برنامج «فكِّر مرتين» على شاشة «او تي في» اللبنانية موفقاً بتخصيصه حلقته الأخيرة لمناقشة شؤون الممثلين اللبنانيين وما يعانونه من شظف العيش وقلة الرزق. استضاف البرنامج عدداً من الممثلين تقدمهم رئيس نقابتهم الجديد جان قسيس، ولم يتركوا شاردة ولا واردة عن اوضاع مهنتهم ونقابتيهم – نقابة الممثلين ونقابة الفنانين المحترفين برئاسة الفنانة سميرة بارودي – وجهودهم لحفظ حقوقهم وتوحيد النقابتين وعلاقتهم بالدولة والمساعي التي يبذلونها لإرغام شركات الانتاج والتلفزيونات على تطبيق القانون. تضاربت آراء الضيوف في اماكن وتوافقت في اماكن أخرى، إلا أن المشكلة الأساسية التي يستنتجها المشاهد في غمرة النقاش الطويل هي ان حال الممثلين كحال معظم اصحاب المهن الحرة ونقاباتهم المتعددة، تكمن في أنهم يفتقدون عنصر القوة وهو الاتحاد. وهذا تماماً ما أراد أن يقوله النقيب قسيس بتكرار دعوته إلى تضافر الجهود وتوحيدها وأن يعتبر كل ممثل نفسه جزءاً اساسياً من الجسم النقابي، وبذلك يستطيع الممثلون أن يفرضوا شروطهم على المنتجين المنفذين وكذلك على التلفزيونات التي مبدئياً لا حياة لها من دون الممثل، لكن الممثل اللبناني حين يصل إلى خريف العمر يكاد يموت على أبواب المستشفيات. فبمقدار ما تتحمل الدولة والنقابة مسؤولية الأوضاع التي يعيشها الفنانون في لبنان، فإن المسؤولية أيضاً تلقى على التلفزيونات التي لا تلتزم حرفياً ما نص عليه قانون الاعلام المرئي والمسموع، الذي ألزم كل محطة بأن تنتج مئة ساعة في السنة برامج محلية، وهذا يعني أن على المحطات العاملة في لبنان أن تنتج مجتمعة 600 ساعة، ولو التزمت التلفزيونات بهذا القانون «لما بقي فنان عاطلاً من العمل» وفق الفنان عمار شلق. أهمية الحلقة لا تكمن فقط في ما قيل والوعود التي أطلقت، بل في أن تقدم محطة تلفزيونية، وهي واحدة من المحطات التي تتحمل مسؤولية، على استضافة من يوجه إليها نقداً ويقول عبرها إنها لا تلتزم تنفيذ القانون. وحبذا لو يواصل الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب مناقشته لأوضاع النقابات وبخاصة اوضاع النقابات والعاملين في مؤسسات اعلامية، كنقابة المحررين مثلاً التي لم يقدم الاعلام على فتح معركة انتخاباتها بعد مضي نحو شهر على رحيل النقيب ملحم كرم الذي تربع عقوداً طويلة على رأسها. الاعلاميون - الذين يحاكمون كل الناس - ليسوا في وضع نقابي جيد حتى الذين ظفروا بالانتساب الى النقابة. على الاعلام اللبناني إنْ كان يعتبر نفسه جسماً واحداً ان يتحين الفرصة ليأتي بنقابة تناصر الصحافيين وتخوض من اجلهم حروباً كما يخوض الصحافي حروب كل النقابات، علماً ان نقابتهم ليست نقابة عادية بل ذات سلطة آن الاوان لاستخدامها.