الشعر اسود فاحم طويل. العينان واسعتان. الابتسامة هوليوودية. القوام ممشوق. اما المهنة فمشروع مغنية. مواصفات لشابة تونسية أطلّت قبل ايام في احد برامج المسابقات عبر محطة لبنانية رائدة في برامج تصدير النجوم، فنالت نصيبها من نقد لجنة التحكيم اللاذع من دون ان تشفع لها صعوبة التحديات التي واجهتها خلال الأغنية من رشها بالماء والسكر والريش تبعاً لقواعد اللعبة. ولكن ما ان جاءت ساعة الحسم بينها وبين منافسة لها أقل حسناً وأكثر مطابقة للقوانين - بحسب اعضاء لجنة التحكيم الثلاثة - حتى كان الاختيار من نصيب صاحبة الحسن والدلال. والسبب كما برر عضو اللجنة الذي حسم الموقف، ان الفتاة قد تصلح مذيعة او حتى ممثلة. من هنا لا بدّ من منحها الفرصة، حتى ولو كسر هذا التقويم قوانين اللعبة التي شدد هو ورفاقه اكثر من مرة عليها، مؤكدين ان الرابح هو ذاك الذي يستمر في الغناء الصحيح من دون توقف على رغم الصعوبات التي تتغير نوعيتها وتفاصيلها مع كل فريق. طبعاً لن نغوص هنا في قوانين البرنامج. فما يهمنا هو الموقف الذي أعلنه عضو لجنة التحكيم هذا من التقديم والتمثيل. فإذا كان للغناء اصحابه كما يرى، فمن قال له ان ساحتي التقديم والتمثيل مشرعتان امام كل فتاة جميلة؟ ومن قال ان الدخيلات على الغناء، مرحب بهن في عالمي التقديم والتمثيل ان كن يتمتعن بمواصفات جمالية؟ إذا كان الغناء يتطلب صوتاً جميلاً، فإن التقديم يتطلب دراسة وثقافة عامة وكاريزما. كما يتطلب التمثيل موهبة بين مواصفات أخرى كثيرة. صحيح، لا يمكن أحداً ان ينكر اهمية المقاييس الجمالية في عصر الصورة. كما لا يمكن ان نغفل الواقع وتوجه قنوات تلفزيونية الى الاستعانة بعارضات ازياء كواجهة لها انطلاقاً، في غالبية الاحيان، من هذه المقاييس الجمالية لا اكثر. تماماً كما بعض الدراما العربية، خصوصاً اللبنانية، التي لا تزال تبحث عن موطئ قدم على الفضائيات العربية على رغم كل المغريات. كل هذا صحيح. لكن المؤسف ان يصدر مثل هذا الكلام على لسان موزع موسيقي يقول عادة انه «يحارب الغناء الهابط»، فإذ به يقع في الفخ ذاته، حين يرى ما هو حرام في الغناء حلالاً في التمثيل والتقديم؛ خصوصاً ان عضو لجنة التحكيم هذا، لا يتحدث عن الامر في مجالس خاصة او جلسات مغلقة، بل أمام كاميرات توصل حديثه الى ملايين المتفرجين، ومن بينهم طبعاً شبان يحلمون ذات يوم بأن يسيروا على خطى الهواة الناجحين. من هنا الخطورة حين يأتيهم فنان كي يقول لهم ان جهوداً مطلوبة في الغناء، لن تكون ضرورية في فئتين، يغيب عن ادراكه انهما في الحسابات كافة أكثر صعوبة وتطلباً من فن الغناء، لا سيما في زمن الميكروفونات الحساسة وأجهزة تحسين الصوت.