توقعت الحكومة الأردنية أن يتضاعف عدد السوريين الذين لجأوا إلى المملكة هرباً من العنف في بلدهم الى 600 ألف شخص هذا العام فيما دعت الدول المانحة إلى تقديم الدعم للاردن. وقالت وزارة التخطيط والتعاون الدولي في بيان أمس إن «من المتوقع ارتفاع عدد اللاجئين بحسب المؤشرات الحالية الى اكثر من 600 ألف لاجئ اذا استمرت الأزمة على هذه الوتيرة». واضاف البيان عقب لقاء جمع وزير التخطيط والتعاون الدولي مع سفراء دول مانحة ومسؤولين بالامم المتحدة، ان ذلك «سيضاعف كلفة (استضافتهم)، وسيتطلب ذلك بناء مخيمات جديدة لاستيعاب الاعداد الاضافية من اللاجئين». واشار الى ان الوزير «طلب من المشاركين توفير الدعم لخطة الاستجابة الاردنية للاجئين السوريين لعام 2013 لدعم الأردن في استقبالهم». ويستضيف الاردن الذي يشترك مع سورية بحدود يزيد طولها على 370 كيلومتراً، نحو 300 الف لاجىء سوري منهم نحو 65 الفاً في مخيم الزعتري بمحافظة المفرق شمال المملكة قرب الحدود مع سورية، وقرابة 240 الفاً في المدن والقرى الاخرى. وكانت عمان، التي تواجه عجزاً متوقعاً في موازنة عام 2013 بنحو 1,8 بليون دولار، طالبت في ايلول (سبتمبر) الماضي بتأمين دعم دولي قيمته 700 مليون دولار لعام 2012 لتستمر بعون السوريين، فيما تؤكد الحكومة انها لم تتلقى سوى 200 مليون دولار. واطلقت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الاردن نداء لجمع 500 مليون دولار لعام 2013 لاغاثة السوريين في المملكة التي تقدم خدمات الصحة والتعليم مجاناً لنحو 176 الف لاجىء سوري مسجلين لدى المفوضية. ويرى الاردن والامم المتحدة ان تواضع حجم الدعم المالي يعرقل جهود اغاثة اللاجئين السوريين في المملكة التي تستضيف نحو 300 الف سوري آملين ان يكون اجتماع الجهات المانحة المقبل في الكويت اكثر سخاء. وفاقمت عاصفة قوية، اعتبرت الاشد خلال هذا العقد، الاسبوع الماضي من معاناة نحو 65 الف لاجىء سوري بمخيم الزعتري اذ حولت المخيم الصحراوي الى اشبه بمستنقع وتضررت قرابة 500 خيمة فيما راوحت درجة الحرارة درجة التجمد. واثر ذلك اتهم البعض المملكة، محدودة الموارد والتي تعاني ازمة اقتصادية خانقة وعجز في موازنتها بالتقصير تجاه اللاجئين. ورفعت حملة «وتعاونوا» الشبابية الاردنية عبر صفحتها بموقع فايسبوك للتواصل الاجتماعي شعار «معاً لاغلاق مخيم الزعتري ونقله الى موقع يصلح للعيش»، وتبادل المشتركون في الصفحة صوراً ومقاطع فيديو لاوضاع المخيم منتقدين الحكومة. الا ان آندرو هاربر، ممثل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الاردن، قال ل «فرانس برس» انه «يجب بدلاً من انتقاد الحكومة الاردنية ان نسأل المجتمع الدولي لماذا لا يقدم المزيد للمساعدة في تأمين اللاجئين وحمايتهم». ويضيف ان «الاردن حكومة وشعباً قاموا بعمل رائع مقارنة بالامكانات، واكثر بكثير مما كانت لتفعله حكومات اخرى». وعبّر هاربر عن امله بأن «يدرك اجتماع الكويت الاحتياجات الانسانية الهائلة للاجئين في الاردن، ويقدر ما قدمته المملكة ودول مجاورة لسورية لمساعدة وحماية اللاجئين وان يضع برنامجا دائما لعونهم حتى عودتهم الى ديارهم». وقال الناطق الاعلامي لشؤون اللاجئين السوريين في الاردن انمار الحمود ل «فرانس برس» ان «المملكة تلقت وعوداً كثيرة بتقديم الدعم حتى تستمر في عون واغاثة السوريين لكن معظم تلك الوعود لم يتم الايفاء بها». واضاف: «نتحدث عن 650 مليون دولار ككلفة حقيقية لاستضافة 300 الف لاجىء سوري واذا ما ارتفع عددهم فان هذه الكلفة ستزداد لعام 2013 بالتأكيد». وحضّ الحمود الدول المانحة التي ستجتمع في الكويت في 30 كانون الثاني (يناير) على «مواجهة التزاماتها بتوفير الدعم للسوريين ولخزينة المملكة التي تكبدت الخسائر، اعينونا حتى نقدم لاخواننا السوريين ما يستحقونه ونستمر في اغاثتهم». ويقدم الاردن، الذي استقبل خلال العقود الماضية موجات لجوء فلسطينيين وعراقيين، خدمات صحية وتعليمية بالمجان للاجئين السوريين. من جانبها قالت ريما فليحان، عضو الائتلاف الوطني السوري المعارض، ل «فرانس برس» ان «الاردن وحده غير قادر على تلبية احتياجات السوريين بسبب وضعه الاقتصادي الصعب»، مضيفة ان «المشكلة تحتاج الى عمل على مستوى دولي وبشكل منظم وفاعل». وأكدت فليحان ان التعامل مع مشكلة اللاجئين يجب ان يكون «على أساس وجود كارثة انسانية»، مؤكدة ان «على حكومات الدول الداعمة للشعب السوري واصدقاء سورية ان تفي بالتزامتها بموضوع تقديم الاغاثة والدعم الانساني». ويضم مخيم الزعتري نحو 4500 خيمة من المفترض ان تؤوي كل منها 5 أشخاص كحد اقصى، كما يضم حوالى 4 آلاف عربة متنقلة (كرفان) وزعت على لاجئين بحسب الاقدمية والاحقية وذلك تبعاً لشروط معينة. وأرسلت السعودية «مساعدات اغاثية طارئة» بقيمة عشرة ملايين دولار للسوريين في الاردن إثر موجة البرد الشديدة، كما تعهدت البحرين بتقديم 500 كرفان فيما تسعى جمعية «الكتاب والسنّة» الاردنية عبر حملة اطلقتها لتأمين 10آلاف كرفان. ويقول محمد العويد (42 عاما)، من درعا (جنوب سورية) الذي لجأ الى الاردن مع زوجته وابنائه الاربعة ان «حجم الكارثة السورية فاق قدرات الاردن على استيعابها». واضاف ان «الاردن يمر اصلا بوضع اقتصادي صعب جدا، ورغم ذلك لم يغلق حدوده امامنا واستقبلنا بكل ترحاب»، مشيراً الى ان «الاردنيين طيبون ومتعاطفون بصدق مع السوريين لكنهم بالكاد يكفون انفسهم». اما ام غيث (33 عاما)، من ريف دمشق، فحضرت الى المخيم هي وزوجها وطفلها قبل اسبوع من العاصفة، فتقول: «لو كنا نعلم ان الحال في المخيم هكذا لما اتينا». لكنها تؤكد ان «الاردن لم يقصر معنا بل على العكس، رغم ان المملكة فقيرة وبالكاد تكفي شعبها الا انها لم تقصر، الجيش الاردني استقبلنا على الحدود افضل استقبال واعتنى بنا واوصلنا بكل امان الى هنا». وقالت ام غيث: «ليس باليد حيلة لو كان بإمكانهم تقديم المزيد لقدموه».