مضى الرئيس اللبناني ميشال سليمان في اليوم الثاني من لقاءاته الديبلوماسية في حض الأطراف السياسيين على العودة إلى الحوار «لأن أسباب المقاطعة اعتبرها غير محقة، وبغض النظر عن الموقف من الحكومة أكان مع أم ضد، يجب على الحوار أن يستمر»، لافتاً إلى أنه «إذا كنا ضد الحكومة ووجدنا أنها لا تستحق أن تحكم، فهو سبب إضافي يدفعنا إلى المشاركة بالحوار». وأوضح في كلمة أمام أعضاء السلك القنصلي المعتمد في لبنان، الذين زاروه في قصر بعبدا أمس، أن «العملية ليست في شخص رئيس الحكومة، فهو عضو في هيئة الحوار أكان رئيساً للحكومة أم لم يكن. وعلى رغم كل ذلك، أعطى الحوار نتيجتين مهمتين هما «إعلان بعبدا» والتصور الاستراتيجي الذي قدمته بحيث أصبح هناك وللمرة الأولى ورقة فعلية تنص على المخاطر التي تحيط بلبنان: المخاطر الإسرائيلية والطمع بالمياه والنفط اللبناني، ومخاطر الإرهاب وسلاح الداخل». وأمل سليمان أن «يشهد العام الحالي تحرير المخطوفين اللبنانيين في سورية»، مؤكداً أن «لا فائدة للخاطفين من وراء هذا الخطف سياسياً أو عسكرياً». وشدد على ضرورة أن «تكون سياستنا لبنانية فقط ومنسجمة مع سياسة الجامعة العربية في الأمور التي تهم العرب»، مؤكداً «متابعة التحضير لإجراء الانتخابات النيابية، ورفع مشروع قانون اللامركزية الإدارية إلى المجلس النيابي إضافة إلى النظر في بعض الإصلاحات الدستورية»، وموضحاً أن «المبدأ هو توزيع المسؤوليات للخروج من المآزق والأزمات وليس تنازع الصلاحيات». وقال: «أحالت الحكومة قانوناً انتخابياً مرتكزاً إلى النسبية على المجلس النيابي، والمطلوب اليوم منه مناقشة القانون وإدخال التعديلات المناسبة عليه لتطمين بعض الهواجس عند بعض الفئات في كل الأماكن، ولا يمكن إيجاد قانون أفضل من النسبية يصلح للبنان. أهمية النسبية أنها تلغي الأحادية عند الطوائف. للأسف المشاريع الأخرى لا تؤدي إلى الغاية نفسها». وأكد «أن صيغة لبنان بنيت على الصيغة التعددية، ومن الصعب جداً على الأجيال المخضرمة التأقلم مع أفكار جديدة غير معتادة عليها. فحين كنت شاباً، كان العهد الشهابي سائداً ولم أسمع بأمور كما نسمعها اليوم، وحتى خلال ممارستي مهامي على مدى 41 سنة كضابط وقائد للجيش، لم أسمع ما أسمعه اليوم، علماً أنني ماروني وكان الجيش بكامله ينفذ قراري، كما أن القوى السياسية كلها كانت تتجاوب معه. وانتخبت منذ خمس سنوات رئيساً للجمهورية، وعشت ضمن الصيغة اللبنانية، فكيف يمكن الحفاظ على الصيغة والذهاب إلى أنظمة انتخابية تلغيها وتخلق مخاطر جديدة؟». وتوقف عند «الاضطرابات التي تشهدها سورية وانعكاسها على لبنان»، مؤكداً أن لبنان «استطاع الحفاظ على وضعه في شكل معقول على رغم التوترات الأمنية التي حصلت من وقت إلى آخر وضبطتها القوى الأمنية، وعملية اغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن، وضبط المتفجرات المنقولة إلى الداخل اللبناني. وبالتالي، لم تنتقل التوترات الأمنية التي كانت تشهدها مناطق لبنانية إلى الشمولية أو أن تتحول إلى حالة عامة، وقامت القوى الأمنية بواجبها كما يجب». وعن موضوع النازحين السوريين إلى لبنان، أكد أن لبنان «وفقاً للشرائع الدولية ولحسن الجوار والتقاليد العربية لا يستطيع رفض لاجئ خائف أو جائع أو مريض أو مصاب. وتحاول الحكومة أن تؤمن المستلزمات لإيوائهم لكن الوضع أصبح ثقيلاً على القدرة اللبنانية، ما يفرض معالجته، وتأمين التمويل من قبل الدول والتواصل والحوار مع الدول القادرة الشقيقة والصديقة لاستيعاب الأعداد التي تفوق قدرة لبنان». ونبه إلى وجوب «ألا يدفع لبنان الآن ثمن ديموقراطية الآخرين. ولا يظننّ أحد أنه إذا ابتلينا أنفسنا طوعاً بالاضطراب والخلاف والانقسام والطائفية نخدم أي طرف في سورية إن كان معارضة أو موالاة وأي طرف آخر في الدول الأخرى. بل على العكس، إن لبنان المستقر هو المفيد لجيرانه ومفيد لسورية أكثر من غيره. لذلك مع تمنياتنا أن تنتهي الأزمة في سورية عبر حوار سياسي يوصل الشعب السوري إلى مبتغاه عبر الاتفاق والتفاهم والتوافق لأن أحداً لا يستطيع إلغاء الآخر في ظل الحال القائم. لا سبيل إلا بالحوار والاتفاق على نوع النظام الذي يريده السوريون عبر عقد اجتماعي جديد. والمطلوب من الأممالمتحدة رعاية هذه العملية السياسية من دون أي تدخل خارجي». صلاحيات الرئيس وتحدث عن «سلّة إصلاحات دستورية»، وقال: «كلما تناولنا هذا الأمر يتبادر إلى الذهن وكأن المقصود تعزيز صلاحيات رئيس الجمهورية. هذا ليس صحيحاً، إذ هناك بعض البنود في الدستور لا تقدم حلولاً لبعض الأمور. ويظهر ذلك من خلال الممارسة. وظهرت أكثر بعد خروج الجيش السوري من لبنان. فهناك محطات نقف أمامها ولا نستطيع التحرك، وتحتاج إلى حلول ومفاتيح، وربما بعض هذه المفاتيح تصبح مع رئيس الجمهورية. ولكن ليس المقصود بها تعزيز صلاحيات على حساب صلاحيات الآخرين». وأوضح أن «المبدأ هو توزيع المسؤوليات للخروج من المآزق والأزمات وليس تنازع الصلاحيات. لأن الطائف وضع تركيبة جيدة للبنان ما زلنا نعيش في ظلها ولا يجب المس بهذه المعادلة إطلاقاً، لا عبر قانون انتخاب ولا عبر تعديل صلاحيات. لكن تصحيح بعض الثغرات الدستورية يفي بالغرض ويمكن أن تناقش، ويجب طرحها للنقاش بعد الانتخابات النيابية. وهناك ملف تم تحضيره في هذا الشأن لطرحه على التوافق والنقاش الهادئ داخل السلطة التشريعية». وأمل أن «تتابع يونيفيل مهمتها في لبنان وأن يستمر الدعم الدولي لهذه المهمة لأنها ليست فقط لتأمين الحدود اللبنانية، إنما موضوع الهدوء على الجبهة اللبنانية الجنوبية له انعكاس على السلام العالمي». وشدد على «دعم الجيش اللبناني عبر تزويده بالإمكانات اللازمة ليستطيع أن يدافع عن الأرض والأجواء والمياه اللبنانية».