توصلت قيادات في «14 آذار» الى قناعة بأن حزبي «الكتائب» و «القوات اللبنانية» اتخذا قراراً عن قناعة بعدم التراجع عن تأييدهما لمشروع اللقاء الارثوذكسي. وكانت هذه القيادات تبلغت منهما أنهما ليسا في وارد إخلاء الساحة لرئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون ليزايد عليهما في الشارع المسيحي عبر القول إنهما لا يؤيدان تحقيق العدالة للناخب المسيحي في الانتخابات النيابية بما يضمن له صحة التمثيل. وكشفت مصادر مقربة من هذه القيادات المعترضة على «الأرثوذكسي» ل «الحياة»، ان المشاورات التي أُجريت في اليومين الماضيين بين قيادتي «الكتائب» و «القوات» وبين حلفائهما المعارضين للمشروع والتي ظلت بعيدة عن الأضواء، أفضت الى أن رئيسي حزب «الكتائب» أمين الجميل و «القوات» سمير جعجع يصران على الدفاع عنه ويتعاملان معه على أنه تعبير عن قناعتهما وأن لا عودة عنه مهما كانت الاعتبارات. وأكدت أن الجميل وجعجع «لا يناوران في تبنيهما للأرثوذكسي لتحسين شروطهما في قانون الانتخاب البديل ولا يتطلعان الى ابتزاز حلفائهما في قوى 14 آذار من أجل زيادة حصتيهما في المقاعد النيابية». ولفتت المصادر الى استياء جعجع من الاجتماع الذي عقد الخميس الماضي في منزل النائب بطرس حرب وشارك فيه رئيس «حزب الوطنيين الأحرار» دوري شمعون والنواب المستقلون في 14 آذار إضافة الى عدد من الشخصيات السياسية وممثلين عن هيئات المجتمع المدني، وعزت السبب الى أن هذا الاجتماع الذي تكرر مساء أمس في المكان نفسه، شكل اعتراضاً على موقفي «الكتائب» و «القوات». وقالت إن التواصل بين عدد من الحضور وقيادتي الكتائب والقوات لم يعد مثل السابق، ونقلت عن عدد من النواب المستقلين قولهم إنهم فوجئوا بموقفهما المؤيد للأرثوذكسي بدلاً من الدفاع عن مشروعهما القائم على اعتماد الدوائر الصغرى. وأضافت أن النواب المستقلين كانوا يعتقدون بأن تأييدهما هذا المشروع يهدف الى قطع الطريق على عون للمزايدة عليهما في الشارع المسيحي واتهامهما بالتفريط بحقوق المسيحيين وتصحيح تمثيلهم في البرلمان، وبالتالي سرعان ما سيبادران الى التمسك بمشروعهما القائم على الدوائر الخمسين، خصوصاً أن حلفاءهما في 14 آذار كانوا أبلغوهما بأنهم لن يكونوا عقبة أمام تبني مشروعهما ونصحوهما بالتواصل مع رئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط لأن من دون تأييده لا يمكن أن يمر في الهيئة العامة للبرلمان. ورأت هذه المصادر أن أحداً من المستقلين لا يتنكر للهواجس لدى المسيحيين التي لا يمكن عزلها أو تحييدها عن ما يدور من تقلبات في الجوار العربي، خصوصاً في سورية والعراق، وقالت إن الجميع يأخذونها في الاعتبار لكنهم يعتقدون بأن استيعابها وخفض مفاعيلها السلبية على الساحة اللبنانية لن يكونا إلا من خلال التوافق على قانون انتخاب جامع. وسألت المصادر عن صحة ما أخذ يروج له في معرض الدفاع عن تأييد «الكتائب» و «القوات» للأرثوذكسي من أنه لا يحقق صحة التمثيل المسيحي فحسب وإنما يدفع في اتجاه حصد مقاعد نيابية مسيحية من حصة العماد عون، خصوصاً أن مستقلين في 14 آذار سمعوا أخيراً من القيادتين كلاماً يدعم توقعاتهما في هذا المجال وهي مبنية على ما توصلت إليه استطلاعات الرأي التي أجرتها مؤسسات تمتلك خبرة في هذا المجال. وقالت إن مسؤولين في الكتائب والقوات أخذوا يراهنون منذ الآن على أن تحالفهما سيؤمن حصولهما على 21 مقعداً مارونياً في مقابل 13 مقعداً لتكتل التغيير لكن أحداً لا يضمن منذ الآن تفاهمهما على توزيع المرشحين على المقاعد المارونية في كل لبنان البالغ عددها 34 مقعداً. وفضلت المصادر نفسها عدم الدخول في كل ما أخذ يشاع من أن تأييد «الكتائب» و «القوات» للأرثوذكسي ينطلق من مخاوفهما من احتمال حصول تغيير في الشارع السنّي يأتي انعكاساً لما ستستقر عليه الأوضاع في سورية والعراق، على رغم أن الفيديرالية أخذت تهدد الأخير، وأن هذا التغيير سيدعم وجود المجموعات المتشددة والأخرى السلفية وهذا ما أشار إليه وزير الطاقة جبران باسيل في معرض دفاعه عن الأرثوذكسي. وسألت المصادر عينها عما إذا كانت الحماسة للأرثوذكسي تشكل خطوة استباقية لما يمكن أن يحصل من متغيرات في الشارع السنّي باعتبار أن «هناك حاجة لتحييد الصوت المسيحي عن طغيان الصوت السنّي أو الشيعي». لذلك لا بد من مراقبة رد فعل «تيار المستقبل» على الخطوة المنفردة لحليفيه بتأييد الأرثوذكسي مع أن بعض المسؤولين في «الكتائب» و «القوات» يلوذون بالصمت فيما يقول بعضهم الآخر إنهم فاتحوا حليفهم في موقفهم لكن قبل أن يستقر الرأي على تأييدهم للمشروع الذي لم يعد مناورة لقطع الطريق على عون للمزايدة عليهما.