لا شيء أقسى على المرأة من آلام المخاض، فكيف إذا كانت ولادتها داخل سيارة، ووسط أجواء شديدة البرودة، وفي ظلام دامس؟ هذا ما حدث لسيدة سعودية في العقد الثاني من عمرها ليل أول من أمس في منطقة حائل، بسبب عدم وجود أطباء وممرضين في المركز الصحي في مدينة تربة، على حد قول زوجها سند الشمري. وقال الشمري (45 عاماً) ل«الحياة» أمس: «ذهبت بزوجتي إلى مركز تربة الصحي (180 كلم شرق مدينة حائل)، عندما شعرت بآلام المخاض، فلم أجد كادراً طبياً لتوليدها، كما لم أجد سيارة إسعاف، ما اضطرني إلى نقلها بسيارتي إلى محافظة بقعاء التي تبعد 80 كلم عن مدينة تربة، وفي الطريق اشتدت آلام المخاض عليها، ما اضطرني إلى الوقوف بجانب الطريق، لتلد زوجتي داخل السيارة، وكانت درجة الحرارة وقتها أقل من صفر مئوي». وأشار إلى أنه انتقل بزوجته بعدها إلى مستشفى بقعاء وهو يحمل طفلته بين يديه، فأجريت لزوجته والطفلة الإسعافات اللازمة وجرى نقلهما بسرعة إلى مستشفى النساء والولادة في مدينة حائل، لافتاً إلى أن حال زوجته الصحية مستقرة حالياً، لكن الطفلة أودعت في قسم العناية المركزة نتيجة البرد الذي أصابها. ودعا الشمري إلى محاسبة المسؤولين في المركز الصحي في تربة عن المعاناة التي تسببوا فيها لعائلته، وشدد على أهمية توفير الإمكانات اللازمة في مركز الرعاية الصحية الأولية في مدينة تربة، وفتح قسم الطوارئ طوال اليوم في المستوصف، وكذلك قسم للنساء والولادة ليخدم المرضى المراجعين كي لا يتعرضوا لعناء ومشكلات السفر إلى محافظة بقعاء. وأكد مصدر طبي في المديرية العامة للشؤون الصحية في منطقة حائل ل«الحياة»، أن حال الطفلة لم تستقر في الساعات الأولى، بسبب البرد القارس الذي تعرضت له أثناء الولادة، مشيراً إلى أن هناك حالات شبيهة بهذه الولادة حدثت في المنطقة، إذ إن شخصاً اضطر قبل 24 ساعة إلى نقل زوجته إلى المستشفى بسيارته، وما أن وصل بها إلى قسم الإسعاف حتى وضعت مولودها. واتصلت «الحياة» مراراً بالمتحدث الإعلامي باسم المديرية العامة للشؤون الصحية في منطقة حائل ماجد المعيلي، للتعليق على الإجراء الذي سيتخذ في المركز الصحي في «تربة»، إلا أن هاتفه النقال كان مغلقاً طوال الوقت. يذكر أن مدينة تربة تعد البوابة الشرقية لمنطقة حائل، وتقدم خدمات لعدد كبير من البدو والقرى المحيطة. ويطالب أهالي تلك المدينة بفتح مركز للطوارئ على مدار الساعة، لبعدها الجغرافي عن حائل ووجود أكثر من 35 قرية تابعة لها، ولتكرار حوادث السيارات وحالات الولادة قبل الوصول إلى مستشفى بقعاء.