أنهت الأسواق الناشئة عام 2012 مع تسارع طفيف في النمو الاقتصادي، إذ سجل منتجو البضائع الزيادة الأسرع في الطلبات الجديدة منذ الربع الثاني من عام 2011. وهذا يمثل الزيادة الأولى منذ الربع الأول من عام 2012، على رغم أن الوتيرة الإجمالية للتوسّع ظلت أضعف مما كانت عليه في النصف الأول من العام، كما يظهر مؤشر ساب/ HSBC للأسواق الناشئة EMI. وصعد مؤشر EMI من 52.2 نقطة في الربع الثالث إلى 52.9 نقطة، ولكنه استمر دون المتوسط العام المسجل على مدار الأعوام الأربعة الأخيرة منذ الأزمة المالية في 2008. جاء الانتعاش الخفيف مدفوعاً بتوسّع من قطاع الصناعات، ولكن على رغم تحسن أداء قطاع الخدمات عما كان عليه في الربع السابق، إلا أن توقعات الأعمال ظلت دون المستوى. وسجل قطاعا الصناعات والخدمات مجتمعين توسعاً في الربع الأخير في بلدان «البريك» الرئيسة من بين الأسواق الناشئة الأربع الكبرى، وسجلت البرازيل عودة إلى النمو بعد الركود الذي شهدته في الربع السابق، في حين تفوقت روسيا على الهند وسجلت أفضل معدل لنمو الإنتاج منذ الربع الثاني من عام 2012. وشهدت الصين تحسناً في النمو، إلا أن النمو ظل ضعيفاً نسبياً، في حين سجلت الهند معدل توسع قوياً. وسجل منتجو البضائع في الصين زيادة في الإنتاج للمرة الأولى في عام ونصف العام، في حين شهد إنتاج قطاع الصناعات زيادة في البرازيل للمرة الأولى منذ الربع الأول، إذ توسع بأسرع معدل له منذ الربع الأول من عام 2011. وتسارع نمو إنتاج قطاع الصناعات في الهند، وجاء النمو ثابتاً إلى حد كبير وبوتيرة قوية في روسيا، حيث ارتفع إنتاج قطاع الخدمات خلال الربع الأخير بوتيرة أسرع قليلاً عن الربع الثالث الذي شهد أدنى مستوى خلال عام كامل، في حين ظلت التوقعات الإيجابية في بلدان «البريك» إيجابية وسجلت تحسناً في الربع الثالث. يقول كبير الخبراء الاقتصاديين لدى مجموعة HSBC ستيفن كينغ: «على رغم أن القراءة الأخيرة تشير بالكاد إلى نمو اقتصادي مزدهر، فإن التحسّن الأخير مشجع، خصوصاً عندما تستكمل بإشارات مشجعة للأشهر الأولى من عام 2013. الكثير من النمو كان محلياً، إذ لا تزال طلبات التصدير تتراجع، على رغم أن وتيرة التراجع ليست كالوتيرة المخيفة المسجلة في منتصف العام الماضي. إن الصين لم تستعد بعد وتيرة النمو التي تمتعت بها من قبل، إلا أنها أصبحت الآن اقتصاداً أكبر، وكنتيجة لذلك فإن مساهمتها في النمو العالمي تتزايد. يؤدي سحب الجاذبية المعزز هذا إلى الدوران العظيم للنشاط الاقتصادي من عالم تقليص الديون القديم إلى العالم الديناميكي الجديد. وحتى الآن تراكمت الفوائد في الغالب لدى البلدان إما القريبة جغرافياً من الصين أو المهمة في تلبية الطلب الصيني الذي لا ينتهي من السلع الأساسية». وأضاف ستفن كينغ قائلاً: «ليس من قبيل المفاجأة أن البلدان التي قامت بزيادة صادراتها إلى الصين - عادة على حساب التعرض للعالم القديم - تمتعت في الغالب بزيادات سريعة في النشاط الإقتصادي خلال العقد الماضي. قد لا يكون مؤشر الأسواق الناشئة قوياً على وجه التحديد في الفترة الحالية، ولكن الصين سيكون لها تأثير يفوق تأثير الولاياتالمتحدة أو أوروبا في المصير الاقتصادي للبلدان الناشئة». وشهدت طلبات التصدير الجديدة لدى قطاع الصناعات في الأسواق الناشئة تراجعاً للربع الرابع على التوالي، وهو ما يعكس ضعف الطلب من الأسواق الاقتصادية المتقدمة، ولاسيما منطقة اليورو. وعلى رغم ذلك فإن إجمالي الطلبات الجديدة في الأسواق الناشئة شهد زيادة في الربع الأخير من عام 2012 بأسرع وتيرة منذ الربع الأول، كما أنها ثاني أسرع وتيرة منذ الربع الثاني من عام 2011، وانعكس هذا بشكل كبير في زيادة الأعمال الجديدة الواردة لدى قطاع الخدمات، على رغم أن الشركات الصناعية أبلغت عن المعدل الأقوى للنمو منذ الربع الثاني من عام 2011. وبالنسبة إلى التطلعات المستقبلية، شهدت التوقعات تحسناً لدى مزودي الخدمات في جميع بلدان «البريك» بشكل طفيف عما كانت عليه في الربع السابق، إلا أن قوة التوقعات الإيجابية ظلت عند رابع أضعف مستوى منذ بداية الدراسة في 2005. وجاء التفاؤل الأقوى لدى قطاع الخدمات في البرازيل، تبعتها الهند. في الوقت ذاته، لم يشهد مزودو الخدمات في روسيا والصين تغييراً في توقعاتهم للعام المقبل. وأظهر مؤشر EMI ربع السنوي الأخير زيادة في تضخم تكاليف مستلزمات الإنتاج عما كانت عليه في الربع الثالث الذي شهد ضعفاً، على رغم أنه ظل أدنى من المتوسط العام للدراسة. وشهدت أسعار مستلزمات الإنتاج لدى قطاعي الصناعات والخدمات في الصين زيادة بعد تراجعها على مدار ربعين متتاليين، على رغم أن الزيادة الأقوى بين دول «البريك» تم تسجيلها في روسيا. وشهد متوسط التكاليف لدى قطاع الصناعات زيادة مع وصول التضخم إلى أسرع معدل له منذ الربع الثالث من عام 2011. في الوقت ذاته، ظل تضخم تكاليف مستلزمات الإنتاج في قطاع الخدمات مشابهاً لما كان عليه في الربع الثالث، مسجلاً ثاني أضعف معدل له خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة. وقدم تسارع النمو الاقتصادي في جميع الأسواق الناشئة القوة الدافعة لزيادة مستويات التوظيف في شركات قطاعي الخدمات والصناعات، إذ تسارع معدل خلق الوظائف الجديدة عما كان عليه في الربع الثالث ووصل إلى أسرع معدل له منذ الربع الثاني من عام 2011، مدفوعاً بشركات قطاع الخدمات. في المقابل، قامت الشركات الصناعية بخفض القوى العاملة لديها للعام الخامس على التوالي.