توقعت دوائر اقتصادية ومصرفية أن تطلق دبي حزمة من الأنظمة والقوانين الجديدة، لدعم مبادرتها بأن تتحول إلى عاصمة للمنتجات المالية الإسلامية، لتنافس ماليزيا وبعض الدول الغربية، بهدف الاستفادة من الطلب المتنامي على هذا القطاع، الذي يتوقع أن يبلغ أربعة تريليونات دولار بحلول عام 2020، في ظل الزيادة السكانية في العالم الإسلامي وتعاظم الثروات في منطقة الخليج. وتراهن الإمارة على القوة الاقتصادية لدولة الإمارات ووجود سيولة كبيرة في مؤسسات الدولة، مع العلم أنها أول من أطلق مصرفاً إسلامياً في العالم، ولديها أطر تحكم هذا القطاع، إضافة إلى «مركز دبي المالي العالمي»، ووجود إرادة سياسية لتحقيق هذا الهدف. وأكد الخبير الاقتصادي ناصر السعيدي، أن إمارة دبي تحتاج إلى «بازل» إسلامي، في إشارة إلى الأنظمة والقوانين التي تحكم القطاع المصرفي العالمي، كما فعلت ماليزيا سابقاً، على اعتبار أن هذه الأنظمة والقوانين هي من أهم التحديات التي ستواجه الإمارة في تحقيق هذا الطموح. ورجحت مصادر مطّلعة أن تقوم الإمارة بتوحيد شروط إصدارات الصكوك وتأسيس سوق موحدة لهذا النوع من التمويل، إضافة إلى إطلاق جامعة أو معهد، لتأهيل كوادر متخصصة في الصيرفة الإسلامية، لسد فجوة النقص في المنطقة. وتوقعت المصادر أن تقوم دبي بإصدار «وثيقة» لتحديد معايير للصكوك، تعتمدها وتعترف بها مراكز الصيرفة الإسلامية المهمة في العالم، إضافة إلى إطلاق قانون للرهن العقاري متوافق مع الشريعة، يسمح لها بفتح أسواق جديدة. تحديات ولم ينكر اقتصاديون وخبراء في قطاع الصيرفة الإسلامية تحدثوا إلى «الحياة»، أن دبي لن تتمكن من تحقيق حلمها على المدى القريب، بل أكدوا أن لديها القدرة على منافسة كبرى المراكز في العالم وفي المنطقة على المديين المتوسط والبعيد، بعد أن تتمكن من تجاوز هذه التحديات، وفي طليعتها عدم وجود قانون للصيرفة الإسلامية في الدولة، إضافة إلى غياب مجلس شرعي موحد لتحديد ماهية الصكوك بكل أنواعها، إلى جانب توحيد شرعية الخدمات المصرفية الإسلامية، لا سيما أن هياكل الصكوك الإسلامية في العالم تعرضت لانتقادات، بعدما اعتبر علماء إسلاميون أن 80 في المئة من الصكوك لا يتوافق مع الشريعة الإسلامية. وقال الخبير الاقتصادي أحمد البنا إن القيادة السياسية في دبي شكلت لجنة عليا لوضع اللوائح والقوانين اللازمة لتحويلها إلى عاصمة للاقتصاد الإسلامي، مؤكداً أن «المسيرة غير صعبة» لكنها تحتاج وقتاً. وتوقع أن تكون الصيرفة الإسلامية رافداً مهماً في اقتصاد دبي المتنوع، حيث يمكنها استخدامه في تمويل البنى التحتية والتجارة الخارجية والسيارات والقروض الشخصية. أما الرئيس التنفيذي لمؤسسة «تكافل» الإسلامية شكيب أبو زيد، فرجّح أن تتمكن إمارة دبي من منافسة ماليزيا والبحرين في هذا المجال، خصوصاً أن الأولى تغطي السوق الآسيوية ولا تسوق منتجاتها في المنطقة العربية، كما أن البحرين بدأت تفقد مكانتها في هذا المجال، بسبب الأزمة السياسية التي تمر بها، إضافة إلى أن مواردها محدودة في هذا القطاع، وإلى اعتمادها على موارد خارجية. ويبدو أن دبي تحاول سحب البساط من تحت أقدام المؤسسات المالية العالمية التي ركزت على الصيرفة الإسلامية، للاستفادة من السيولة الكبيرة في دول الخليج، التي يتزايد فيها الطلب على المنتجات المالية الإسلامية، على اعتبار أن الاقتصاد الإسلامي يقوم على مجموعة مبادئ، تتقاطع في الكثير من الأحيان مع اقتصادات العالم في الأسواق الرأسمالية والاشتراكية أو المختلطة، خصوصاً في قطاع المصارف. فرصة للإمارة وأكدت مصادر أن حظر النقاب في بعض الدول الأوروبية، والتدقيق الشديد الذي تواجهه التعاملات المصرفية الإسلامية في أميركا وبعض الدول الغربية الأخرى، جعلت المستثمرين من دول الخليج يبتعدون عن هذه الأسواق، ما يشكل فرصة لإمارة دبي لاستقطاب أموال الأثرياء من المنطقة الذين في غالبيتهم يفضلون الخدمات المصرفية الإسلامية. وتراهن دبي على نشاط تجارتها الخارجية، للاستفادة من سوق الأغذية والمواشي وأدوات التجميل «الحلال»، المنتعشة حالياً في أنحاء العالم. وهي تعول أيضاً على منطقة الشرق الأوسط عموماً، باعتبارها سوقاً للصناديق المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، مع محدودية منتجات الصناديق التي أطلقت أخيراً في أوروبا وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة. وتوقع السعيدي أن تطلق دبي صندوقاً يستثمر في المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وآليات إسلامية للتمويل العقاري وتمويل التجارة الخارجية.