شهدت جامعة الملك سعود بالرياض، على مدى الأيام الثلاثة الماضية، فعاليات المؤتمر الدولي الخامس للموارد المائية والبيئة الجافة، الذي عقد بالتزامن مع حفلة تسليم جائزة الأمير سلطان بن عبدالعزيز العالمية للمياه، وافتتحه ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز، بحضور نائب وزير الدفاع رئيس مجلس جائزة الأمير سلطان بن عبدالعزيز العالمية للمياه الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز. وخلال كلمته التي ألقاها في افتتاح المؤتمر دعا الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز، إلى «دق ناقوس الخطر في ترشيد سلوكيات استهلاك المياه»، مؤكداً وجوب ترشيد الناس وتفهيمهم من أصغر طفل إلى أكبر شخص بأهمية المياه والمحافظة عليها. وقال الأمير خالد: «إن نسبتنا تعد أكبر نسبة في إهدار المياه في الجزء العربي، وأقل نسبة مياه موجودة في العالم، ولهذا يجب أن نصحح هذه النظرية، ويجب أن نكون أفضل في ترشيد المياه، لأننا في أضعف نقطة تعاني قلة المياه». وعرّج الأمير خالد بن سلطان على المشهد السياسي العربي وتداعياته الاقتصادية، قائلاً: «إن ارتباك المشهد السياسي في دول عربية عدة له تداعياته الاقتصادية، فلا تقدم ولا ازدهار من دون استقرار ونظام، فبالارتباك السياسي وشبه الانهيار الاقتصادي، تتأثر أهم مرتكزات الأمن الإنساني، وعلى الأخص رباعية الماء والغذاء والطاقة والبيئة، فهي رباعية تمثل أهم عناصر الأمن الوطني للدولة، ومن دونها لا أمن ولا أمان ولا استقرار ولا تنمية». وخلال أعمال المؤتمر أكد أحد المتحدثين في جلسات المؤتمر الدكتور عبدالقادر بالعربي ، في كلمة له، ما وصلت إليه جائزة الأمير سلطان بن عبد العزيز للمياه، وما تحقق من إنجازات علمية في مجال المياه ما كان ليتحقق لولا فضل الله، ثم رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز، معبّراً باسم المشاركين من علماء وباحثين عن شكرهم للقائمين على المؤتمر. وكانت الجلسة الأولى للمؤتمر خصصت للبحوث المتعلقة بجودة المياه الجوفية، وعقدت برئاسة أمين الجائزة عبدالملك آل الشيخ، وتحدث خلالها اثنان من الفائزين بالجائزة في دورتها الخامسة في مواضيع تتعلق بجودة المياه الجوفية، إذ قدّم فريق الدكتور هارفي من الولاياتالمتحدة الأميركية محاضرة رئيسة حول تطوير نموذج لتشخيص تلوث المياه الجوفية بالزرنيخ. كما تحدّث الفريق البحثي للدكتور جادجل من جامعة كاليفورنيا بيركلي عن تطوير طريقة مبتكرة وفعالة لعلاج تلوث المياه الجوفية بالزرنيخ، ستنقذ حياة الملايين من البشر، وتقيهم المشكلات العلمية ذات الصلة بالتسمم بالزرنيخ، إذ تشير التقارير الدولية إلى أن 20 في المئة من الوفيات حالياً في بنغلاديش بسبب تلوث مياه الشرب بالزرنيخ. وقدّمت في هذه الجلسة ثلاث أوراق عمل أخرى، ناقشت الأولى منها إزالة المعادن الثقيلة (النيكل والكروم) وهي من الملوثات الضارة من مياه الصرف الصناعي، وناقشت الورقة العلمية الثانية طريقة حقلية لإزالة الحديد والمنغنيز من المياه الجوفية العميقة، والورقة الثالثة تكلمت عن خفض نسبة الحديد والأوكسجين الذائب في مياه الشرب من خلال تحسين أداء الفلاتر المركبة على مضخات سحب المياه الجوفية. وشارك في تنظيم المؤتمر، جامعة الملك سعود ممثلة بمركز الأمير سلطان للمياه والبيئة والصحراء، وأمانة جائزة الأمير سلطان العالمية للمياه، ووزارة المياه والكهرباء. ووزعت هذا العام الجوائز التخصصية الأربع، والتي فاز بها الفريق العلمي بقيادة الدكتور كيفن ترنبيرث، من المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي في الولاياتالمتحدة الأميركية، والذي حصل على جائزة المياه السطحية، لما تقدم به من أعمال إبداعية تفتح آفاقاً جديدة في تقدير أثر تغيّر المناخ على الدورة الهيدرولوجية العالمية، وفي دراسة الموازنات المائية على سطح الأرض. وفاز بجائزة المياه الجوفية الفريق العلمي بقيادة الدكتور تشارلز فرانكلين هارفي من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، الولاياتالمتحدة الأميركية، لتطويره نموذجاً متكاملاً لتلوث المياه الجوفية بالزرنيخ، يشمل التشخيص ومفاهيم هذا التلوث. وفاز بجائزة الموارد المائية البديلة الدكتور محمد خياط سحيمي، من جامعة كومبلوتنسي في مدريدبإسبانيا، لإنجازه في مجال تعزيز وتقدم نظام التقطير بالغشاء لاسترداد المياه من مصادر بديلة، ويؤمن هذا النظام تحلية المياه من مصادر بديلة، ليس ماء البحر وحسب، بل أيضاً من نواتج الإنتاج الصناعي، ويقلل من استهلاك الطاقة، كما فاز بجائزة إدارة الموارد المائية وحمايتها الدكتور داميا بارشيلو من معهد كاتالان لبحوث المياه، في إسبانيا عن العمل المبتكر في مجال فهم تأثير الأدوية في البيئة المائية، وتطوير أساليب جديدة لتقويم المخاطر الناتجة من هذا التلوث، وإدارة الملوثات الجديدة، وتقويم جودة المياه في الأحواض كثيفة الاستخدام. يذكر أنه يترأس مجلس الجائزة نائب وزير الدفاع الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز، ويضمّ في عضويته وزير المياه والكهرباء، ومدير جامعة الملك سعود، ومحافظ المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، وخبراء محليين ودوليين. وتهدف الجائزة إلى تقدير وتشجيع العلماء والمؤسسات العلمية حول العالم، وحثهم على الإبداع في مجالات المياه المختلفة، بما يسهم في إيجاد الحلول العلمية الكفيلة بالوصول إلى توفير المياه والتقليل من ندرتها، والمحافظة على استدامتها، لاسيما في المناطق الجافة. وتتصف الجائزة بأنها مؤسسة دولية غير حكومية وغير ربحية، تمثل مشاركة من المملكة العربية السعودية في تناول موضوع المياه الحيوي على المستوى الدولي، والذي يعد من أكثر الاهتمامات الإنسانية والاقتصادية والسياسية في مختلف أنحاء العالم.