تباينت التحليلات في شأن اغتيال ثلاث ناشطات كرديات في مركز كردي في باريس، إحداهن عضو مؤسس في «حزب العمال الكردستاني» ومقربة جداً من زعيمه المعتقل في تركيا عبدالله أوجلان. واعتبر ناشطون أكراد الجريمة «سياسية»، ملمحين إلى أطراف في تركيا يعارضون مفاوضات سلام تجريها أنقرة مع أوجلان، لتسوية القضية الكردية. لكن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان رجح فرضية «تصفية حسابات» في «الكردستاني»، أو «تخريباً» من أطراف لا يريدون تسوية النزاع الكردي. وعُثر على جثث الناشطات الثلاث في مركز الإعلام الكردي في شارع لافاييت في الدائرة العاشرة في باريس، وهنّ رئيسة المركز فيدان دوغان (28 عاما) وليلى سويلميز (25 عاما) وسكينة كانسيز (55 عاما)، وهي عضو مؤسس في «الكردستاني». وقال ليون إيدارت، وهو مسؤول في اتحاد الجمعيات الكردية، إن النساء الثلاث كنّ وحدهن في المركز الأربعاء. وإذ تعذر الاتصال بهنّ هاتفياً، توجه أصدقاء للضحايا إلى المركز بعد منتصف الليل، ورأوا آثار دماء عند الباب، فخلعوه ودخلوا، حيث عثروا على الجثث الثلاث، والى جانبها ثلاث طلقات فارغة. وقُتلت امرأتان برصاصة في العنق، والثالثة تحمل آثار رصاص في البطن والجبين. وأفادت الشرطة الفرنسية بأن الناشطات الثلاث تركيات، لكن السلطات التركية لم تؤكد ذلك. واعتبر وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس الجريمة «إعداماً خطراً جداً»، وتعهد لدى زيارته المركز «إلقاء الضوء على هذا العمل الذي لا يُحتمل». وأوكل التحقيق إلى شرطة مكافحة الإرهاب. أما الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند فاعتبر مقتل الناشطات «فظيعاً»، مشيراً إلى أنه يعرف إحداهن. ودعا إلى انتظار نتيجة التحقيق، «لنعرف في شكل جيد الأسباب والفاعلين». وتجمع مئات الأكراد أمام المبنى حيث المركز، رافعين أعلاماً تحمل صورة أوجلان، ولافتة كُتب عليها: «سننتقم». كما هتفوا: «كلنا حزب العمال الكردستاني!» و»الأتراك قتلة! وهولاند متواطئ معهم!». وقال رمزي كارتال، وهو قيادي في «المؤتمر الوطني الكردستاني» الذي يضم منظمات كردية في أوروبا: «هذه جريمة سياسية. بدأ أوجلان والحكومة التركية عملية سلام، ويريد (الأتراك) حواراً، لكن ثمة أطرافاً يعارضون تسوية القضية الكردية، ويريدون تخريب عملية السلام». وأشارت دوروتي شميت، مديرة برنامج تركيا في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، إلى أن كانسيز كانت «مقربة جداً من أوجلان» و «ناقلة لتعليماته»، فيما كانت دوغان «مسؤولة عن الجالية الكردية في أوروبا». وسبق لكانسيز التي خضعت لتدريب عسكري في معسكر ل «الكردستاني» في سهل البقاع في لبنان، ان اعتُقلت في تركيا وعُذبت، ثم توجهت إلى ألمانيا، بتعليمات من أوجلان. واعتقلتها الشرطة الألمانية العام 2007، ثم أطلقتها، فانتقلت إلى فرنسا. ونقلت وكالة «فرانس بريس» عن خبير في الحركات الكردية أن ثمة فرضيات للجريمة، قد تكون تصفية حسابات بين الحركات الكردية أو عملية من حركة «الذئاب الرمادية» اليمينية المتطرفة التركية. ول «الكردستاني» تاريخ من الصراعات الداخلية، كما قُتل ناشطون منه، في عمليات نُسبت إلى تركيا. ونقلت «فرانس بريس» عن ناطق باسم «الكردستاني» في شمال العراق أن الحزب لن يعلن موقفاً من الجريمة، قبل إنهاء الشرطة الفرنسية تحقيقها. وطالب صلاح الدين دميرطاش، رئيس «حزب السلام والديموقراطية» الكردي في تركيا، السلطات الفرنسية بكشف أسباب الجريمة «بلا تأخير، في شكل لا يترك شكوكاً»، ودعا إلى التظاهر ضد «المجزرة». أما غولتان كيزاناك، الرئيسة المشاركة للحزب، فرفضت الحديث عن صراع داخلي، «من دون دليل»، قائلة: «هذا اغتيال سياسي وفخ وُضع على طريق تسوية القضية الكردية». في المقابل، رجّح أردوغان فرضية «تسوية حسابات» في «الكردستاني»، مستدركاً: «يجب انتظار اتضاح ملابسات القضية، وعدم التكهن». وأردف أن ذلك قد يكون أيضاً «عملاً تخريبياً» من أطراف لا يرغبون في تسوية النزاع الكردي. ودان بولنت إرينتش، نائب رئيس الوزراء التركي، الجريمة «الفظيعة»، لكن حسين تشليك، نائب رئيس حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، رجّح فرضية «تصفية الحسابات» داخل «الكردستاني الذي نعلم أن ثمة انشقاقات في صفوفه».