يسيطر منخفض جوي، مصدره غرب روسيا، على الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، منذ يومين، مصحوباً بكتل هوائية وثلوج وعواصف رعدية يتوقع أن تشتد في بعض البلدان، اليوم وغداً، متبوعة بتساقط مزيد من الثلوج إثر انخفاض الحرارة. وتسبب المنخفض في أنحاء عدة بسقوط ضحايا وخسائر في الممتلكات، وأزمات مرورية ونكبات اقتصادية. ولعل أكثر البلدان معاناة هي لبنان والأراضي الفلسطينية والأردن ومصر وسورية التي غطّت أخبار المعارك فيها على قصص العاصفة ومناطقها المنكوبة بنكبة جديدة، تضاف إلى شحّ الخبز والوقود والمواد الاستهلاكية الأساسية. ففي لبنان انشغل الوسطان الرسمي والشعبي بالعاصفة التي اعتبرت الأعنف منذ سنوات، فأوقعت ضحايا وخلّفت أضراراً مادية جسيمة واقتلعت أشجاراً معمّرة وأوقفت حركة الملاحة. وتوفي أربعة مواطنين، بينهم طفل في شهره الرابع في بلدة جدرا بإقليم الخروب، بعدما غمرت المياه خيم العرب. وتوفي المواطن جوزيف انطوان صفير إثر انزلاق سيارته على طريق المنصورية، وشاب وطفل بسبب فيضان نهر الغدير في حي السلم في الضاحية الجنوبيةلبيروت. كما أسفرت حوادث السير عن أكثر من 25 مصاباً وجريحاً. وتحوّلت القرى والبلدات، ناهيك بالعاصمة بيروت، إلى بحيرات، ما عرقل حركة السير وحجز عشرات المواطنين داخل سياراتهم. وتابع الرئيس اللبناني ميشال سليمان الأوضاع مع وزارتي الأشغال والداخلية وقيادة الجيش، داعياً الأجهزة التابعة لها إلى الاستنفار والعمل على فتح الطرق، فيما أقفلت طريق ضهر البيدر بسبب تراكم الثلوج. وتسببت العاصفة أيضاً بحصار بلدات في شمال لبنان وساحله وجنوبه، واجتاحت المياه المنازل والمحال التجارية والمؤسسات. وانهار في صيدا (جنوب) جزء من جبل النفايات، قاطعاً الطريق. كما انهار جسر شرق صيدا ما أدى إلى محاصرة مجمعات سكنية. وطلبت النائب بهية الحريري عقد اجتماع طارئ لوضع خطة لمواجهة العاصفة «التي تفوق إمكانات البلديات والدفاع المدني». وفي منطقة العرقوب، حاصرت الثلوج مواقع قوات الطوارئ الدولية، وانقطعت الكهرباء في مختلف المناطق اللبنانية، فيما أعلنت وزارة التربية إغلاق المدارس اليوم وغداً. أما في مصر، فسجّلت في مناطق عديدة، مثل محافظة الشرقية، أضرار كبيرة في المباني والأشجار، وانقطع التيار الكهربائي عن مئات المواطنين مدة 12 ساعة. وشهدت محافظة البحيرة عواصف رملية ورياحاً شديدة وأمطاراً تسببت في خسائر فادحة للمزارعين. وكلّف مسؤولون بتشكيل لجنة هندسية لفحص التصدعات الناتجة من انهيار طابق في مبنى جديد في المحلة الكبرى، حفاظاً على أرواح سكان المنطقة في المباني المجاورة. وفي الإسكندرية، وقعت خسائر في السيارات والممتلكات. وفي مدينة رفح - شمال سيناء، تأثرت غالبية مناحي الحياة، نظراً إلى الرياح العاتية التي أغلقت بسببها محال ومطاعم في وسط المدينة، فيما لم تتأثر حركة الشاحنات التي تنقل مواد البناء المهربة عبر الأنفاق. وانقطع التيار الكهربائي في بعض القرى، خصوصاً عند الحدود، حيث سقطت أسلاك كهربائية. وأوقع المنخفض الجوي إصابات في إسرائيل والأراضي الفلسطينية أمس. وأعلنت الشرطة الإسرائيلية إصابة ستة أشخاص، «وغالبية الإصابات خفيفة بسبب سقوط الأشجار»، فيما قدّرت الإذاعة العسكرية الإسرائيلية سرعة هبوب الرياح ب 120 كيلومتراً في الساعة. وسقطت أشجار في المسجد الأقصى في البلدة القديمة بالقدس، ولم تسجل أي إصابات في الجانب الفلسطيني بحسب الدفاع المدني الفلسطيني، لكن سجّلت حالات انقطاع في الكهرباء في أنحاء البلاد. وأفادت دائرة الأرصاد الجوية الإسرائيلية بأن الأمطار هذا الشتاء هي الأغزر منذ 10 سنوات، ويتوقع هطول الثلوج في الشمال وفي القدس منتصف الأسبوع. وكان لافتاً ارتفاع أسعار الدواجن في قطاع غزة، علماً إنها من السلع الغذائية الأساسية لسكّان القطاع ومورد رزق لعشرات العائلات. وأشار مسؤولون في القطاع إلى ارتفاع كلفة تدفئة الصيصان بالغاز، إضافة إلى أن برودة الأجواء تتسبب بوفاة الكثير منها، ما دفع بصغار المزارعين ومربي الدواجن إلى العزوف عن تربيتها في هذه الفترة، فأدت قلة العرض وازدياد الطلب إلى ارتفاع السعر. أما الأردنيون فينتظرون الثلج، إذ من المتوقع هبوطه في المناطق الداخلية المرتفعة عن سطح البحر 800 متر أو يزيد. وأوردت وسائل الإعلام الأردنية شهادات مواطنين مستائين من النشرات المحلية للأحوال الجوية، التي تفتقر إلى الدقة، ما جعل كثيرين يلجأون إلى مواقع إلكترونية عربية وعالمية، فضلاً عن الاشتراك في خدمات الرسائل الخلوية القصيرة.