في اليوم الثاني من الشهر الجاري خطت مصر خطوة أولى نحو ولاية الفقيه. أوصى الأزهر برفض مشروع الصكوك الإسلامية السيادية «لوجود مخالفات شرعية في بعض بنوده». قوى وطنية ديموقراطية كثيرة سبقت إلى رفض المشروع بمنطق قانوني، مستندة إلى الأسباب التي طرحها الأزهر، في صياغة أصولية، وبخاصة ما يتعلق منها بالتخوف من تملك أجانب للصكوك. لم يبتعد الأزهر كثيراً عن منطق الحزب الوطني الديموقراطي، لكن الصياغة الأصولية تفتح الباب لتأسيس مرجعية دينية تسمح لمن تضعه الأصولية الحاكمة مكان شيخ الأزهر الحالي أن يجعل من المؤسسة العلمية العريقة بابوية مصرية، ربما ليعود الأزهر فاطمياً، كما كان قبل العام 1171 الميلادي الذي تلته مذابح صلاح الدين للشيعة. تكفي قراءة سريعة للمادة الثانية من الدستور المصري التي تقول إن «مبادئ الشريعة المصدر الرئيسي للتشريع»، والمادة الرابعة التي تنص على أن «يؤخذ رأي هيئة كبار العلماء من الأزهر الشريف في الشؤون المتعلقة بالشريعة»، لنفهم أن مصر ربما كانت تقترب مما سعى إليه جمال الدين الأفغاني نهاية القرن التاسع عشر، محاولاً خلق نخبة سلفية قائدة في مصر والتأسيس لسلطة العلماء في إيران، وما سعى إليه حفيده السياسي حسن البنا للتواصل مع أئمة الشيعة واستضافة بعضهم في القاهرة في أربعينات القرن الماضي، وربط البعض بين اغتياله وبين هذه المساعي، وما جرى في الستينات عندما أمد جمال عبد الناصر آية الله الخميني بالمال، وتلقت استخباراته وعداً بأن يؤسس الملالي في إيران «اشتراكية إسلامية». والآن في مصر مرشد للثورة وفي إيران مرشد. ولكن هل تتوالى الخطوات باتجاه ولاية الفقيه أم تشهد مصر نكبة البرامكة الجدد؟ * كاتب مصري