باستثناء حاجز حديد مثبت في وسط الشارع، على بعد أمتار من مدخل «إتوال سويت» وإلى جانبه عنصر من الحرص الخاص يتولى فتحه للسيارات الرسمية الخاصة بالنواب والوزراء المصرح لها بالعبور إلى حرم ساحة النجمة، لا شيء يشي بأن هناك حركة غير عادية أو تدابير استثنائية قد اتخذت في محيط الفندق الواقع في قلب وسط بيروت في منطقة «سوليدير»، عشية انطلاق اجتماعات اللجنة الفرعية النيابية لتأمين الحماية لأعضائها المهدد بعضهم أمنياً؛ إذ اختير هذا الفندق لاستضافة هؤلاء النواب للإقامة فيه بدءاً من بعد غد الثلثاء ليباشروا درس مشروع قانون الانتخاب الذي سيدوم أسبوعاً وفق تصور أولي للنقاش بين المتحاورين. وستعكف هذه اللجنة المنبثقة من اللجان النيابية المشتركة على درس المادتين الأولى والثانية الواردتين في مشروع قانون الانتخاب الذي أحالته الحكومة على المجلس النيابي، والمتعلقتين بالنظام الانتخابي الذي يمكن اعتماده في انتخابات العام الحالي، وتقسيم الدوائر الانتخابية. مرة جديدة يستعيد «إتوال سويت» بريقه حتى بات يطلق عليه البعض وفق إدارته تسمية «فندق الحوار والوفاق»؛ إذ سبق أن اختير مقر إقامة لأقطاب الحوار الوطني عام 2006 لقربه من المجلس النيابي. وهذا الفندق الواقع على بعد قرابة مئة متر من حرم مبنى البرلمان والذي يرابط على المداخل المؤدية إليه عناصر حماية من حرس المجلس وشرطته، اقترحه الرئيس نبيه بري على النواب الأعضاء في اللجنة أو من ينوب عنهم للإقامة فيه إلى حين التوصل إلى قواسم مشتركة حول البندين موضوع المناقشة، وتجنباً لتنقلهم بفعل الأخطار الأمنية على بعضهم. ومن أسباب اختيار الفندق الواقع وسط المطاعم والمقاهي والمحال التجارية والمؤسسات، أنه الوحيد في المنطقة المخصصة للمشاة في وسط بيروت التجاري وتحيطه مبانٍ مرتفعة ما يحول دون رصده ومراقبته من خارج الطوق الأمني المولج حماية البرلمان؛ إضافة إلى سهولة الوصول إليه إذ يقع على بعد دقائق مشياً على الأقدام من ساحة الشهداء وسط مدينة بيروت جنوباً وكورنيش الواجهة البحرية شمالاً وشرقاً ومن السراي الكبيرة غرباً، وأقل من عشرة كيلومترات من مطار رفيق الحريري الدولي. 6« سويتات» لاعضاء اللجنة وعلى رغم مواصفاته اللوجيستية التي تسمح بحماية النزلاء فيه وخصوصيتهم، عمد الفندق إلى لصق «بانويات» عازلة لحجب الرؤية عن الداخل. وإحساساً منه بمسؤولية معنوية، حرص المدير العام ل «إتوال سويت» مروان كيروز على التحفظ تجاه أي معلومات قد تشكل خطراً على أعضاء اللجنة. إذ قال ل «الحياة» إنه لم يتبلغ حتى الأمس موعداً محدداً لنزول النواب في الفندق. لكنه أسر في حديثه إلى أنه أخذ إشعاراً في وقت سابق بوجوب إبقاء ستة «سويتات» شاغرة بعد الأعياد، ومن خلال تعاملنا مع دوائر المجلس النيابي فإن الحجز يتم عادة قبل ساعة»، عازياً السبب لدواعٍ أمنية، ومرجحاً حصوله عشية الثلثاء - الأربعاء. ويؤكد أن أحداً من نواب اللجنة أو مرافقيهم لم يحضر لاستطلاع المكان كما جرت العادة مع أقطاب الحوار قبل سبع سنوات. الفندق ذو الشقق المفروشة يعتمد صيغة «بوتيك أوتيل» المشهورة بتمتعها بمستوى خدمات فاخرة «لنزلاء الحوار» كما يحلو لكيروز القول، ويضيف أن الفندق المؤلف من أربع طبقات يضم 21 جناحاً تتفاوت إحجامها بين 30 و60 متراً وصولاً إلى 120 متراً، والأجنحة الستة التي طلبتها دوائر المجلس يتشكل كل منها من صالة للاجتماعات مع غرفة نوم وشرفة، ومجهزة بشاشات التلفزيون الحديثة وال»دي في دي» والإنترنت. ويحتوي الفندق مطعماً فاخراً يقدم مجموعة من الأطباق العالمية، إضافة إلى صالة للاستراحة على سطحه مع خدمة ال»واي فاي»، ونصف التراس مقفل ومع كل حوار يمنع النزلاء والعمال من ارتياده، إذ تتولى عناصر أمنية المرابطة فيه للحماية. وإذ يلفت إلى موقع الفندق «في هذه المنطقة الحيوية وخدماته وفخامة غرفه التي تعتبر باباً أول لاستقطاب السياح من أرفع المستويات وهم عادة بغالبيتهم «v i p» من رجال الأعمال والديبلوماسيين وسابقاً من الأمراء»، يشعر كيروز بأن «هؤلاء النزلاء عموماً والسياسيين خصوصا هم أمانة لدي إذ إن أبسط تفصيل يشكل هاجساً». لذا، يحرص على تسهيل كل ما يلزم من إجراءات أمنية أكثر من توفير الخدمة. وتضم اللجنة الفرعية التي ستبدأ أول اجتماع لها في قاعة لجنة الإدارة والعدل في المجلس النيابي على ما كشف ل «الحياة» رئيسها النائب روبير غانم، عشرة نواب، 4 يمثلون «قوى 14 آذار» هم: أحمد فتفت، سيرج طور سركيسيان، جورج عدوان وسامي الجميل. وأربعة من «قوى 8 آذار» هم: آلان عون، علي بزي، علي فياض وأغوب بقرادونيان، ونائب من «جبهة النضال الوطني» هو أكرم شهيب. ويرأس جلسات هذه اللجنة رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب غانم بدلاً من نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري الذي دفعته الأخطار الأمنية إلى مغادرة لبنان. مشاركة النواب المهددين وبخلاف المعلومات التي راجت عن أن النواب المهددين لن يشاركوا في الجلسات المرتقبة وسيتمثلون بزملاء لهم في كتلهم يعتبرون أقل تعرضاً للأخطار أمنياً، أكد النواب شهيب وفتفت والجميل ل «الحياة» حضورهم شخصياً. وإذ أشار غانم ل «الحياة» إلى أن مكان الجلسات الأخرى ستقرر في الاجتماع الأول، رجح أن «تكون بين المجلس والفندق حيث إقامة من يريد من الزملاء الأعضاء، وخصوصاً مع تكثيف وتيرة الاجتماعات واستمرارها مساء، وفي الحال لا يمكننا أن نعقد الجلسات في المجلس مع انتهاء دوام الموظفين، وتسريعاً للوقت المتاح ستتابع الاجتماعات داخل الفندق»، لافتاً إلى أن «الفشل وارد والتوصل إلى أرضية مشتركة وارد أيضاً، وما لم يتم التوصل إلى توافق فسترفع اللجنة تقريرها إلى الرئيس بري ليقرر في ضوء ذلك ما يمكن عمله». ومع احتمال البحث في اقتراحات وأفكار جديدة على مشروع الحكومة، فإن الوقت القليل المتاح بدا ضيقاً حتى إن توصلت اللجنة إلى اتفاق على توصية مقبولة من الطرفين؛ إذ إن اللجنة ليست تقريرية بل مهمتها رفع تقريرها إلى اللجان المشتركة للوصول الى قانون انتخاب موحد ومن ثم يحال على الهيئة العامة للتصويت عليه. لكن هذه المراحل المتتالية تتطلب وقتاً طويلاً فيما يقترب موعد الاستحقاق الانتخابي الذي أصبح ضاغطاً، ما يعزز قول أحد النواب ل«الحياة» إن مهمة اللجنة تبدو مستحيلة.