لأن قوته المتقدّمة في المعلوماتية تجعله قادراً على تقديم استخدامات فائقة التعدّد في البحث والتعليم والعلوم، تعاونت «مكتبة الإسكندرية» مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية، على استقدام حاسوب فائق التطوّر من النوع المُسمى تقنياً «سوبركومبيوتر» Supercomputer. بليون «فكرة» في الثانية ابتدأ المشروع عام 2006 بهدف تعزيز البحث العلمي مصرياً وعربياً، إذ يشكّل هذا الحاسوب بديلاً من الطرق التقليدية في إجراء البحوث، ويستطيع إنجاز ما يزيد على بليون عملية حسابية في الثانية. وبيّن الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير «مكتبة الإسكندرية» أن المكتبة بصدد تنفيذ مشروع لتدريب باحثين على طُرُق الاستفادة من ال «سوبر كومبيوتر» على أكمل وجه، مع ملاحظة أن مواصفاته تساعد على إنجاز برامج ذكيّة متنوّعة المجالات العلمية وتتطلب قدرات معلوماتية هائلة. وأشار إلى أن مساحة تخزين البيانات فيه تصل إلى 36 تيرابايت (1 تيرابايت= ألف غيغابايت)، موضِحاً أن هذا الكومبيوتر المتطوّر يستطيع أن يُحدِث فارقاً نوعياً في المعلوماتية الحيوية («بيوإنفورماتيكس» Bioinformatics)، والفيزياء الفلكية، وأرشفة البيانات ومعالجة الصور، وبرامج الأحوال الجوية، والتنقيب عن النفط والمياه الجوفية وغيرها. وأضاف سراج الدين أن «مكتبة الإسكندرية» انضمّت إلى مشروع «لينك سكيم» LinkSCEEM الذي ينهض بمهمات الترابط في المعلوماتية العلمية في أوروبا والشرق الأوسط. وبيّن أن «لينك سكيم» مُمَوَل من الاتحاد الأوروبي، وتشارك فيه 7 دول في أوروبا والشرق الأوسط، تشمل الأردن وقبرص وألمانيا وفرنسا. ويهدف المشروع إلى تعزيز الروابط العلمية والتكنولوجية بين أوروبا والشرق الأوسط، ودعم البحث العلمي خصوصاً ما يتّصل بالمناخ، وحفظ التراث الثقافي رقمياً وتطبيقات الإشعاع ال «سنكروتروني» Synchrotron Radiation والأخير نوع من الموجات الكهرومغناطيسية التي اكتُشِفت عام 1946 وتتميّز بمرونتها وقوتها وتغطيتها الواسعة. ويتضمّن «لينك سكيم» أعمالاً تؤمّن الترابط بين الموارد الإلكترونية وتطويرها، ودعم البحاثين، وترسيخ شبكات التواصل، وتطبيق آليات مناسبة للاستفادة القصوى من الحواسيب المتطوّرة، وتسهيل التعاون بين علماء المعلوماتية المتقدّمة، وتعزيز العلاقات مع الصناعة وغيرها. وأوضح سراج الدين أن المشروع يتضمن أيضاً تيسير استخدام ال «سوبر كومبيوتر» والتفاعل الافتراضي في برامج العلوم والتكنولوجيا، بين «مكتبة الإسكندرية» والمتفاعلين معها في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط. كما أشار إلى سعي «مكتبة الإسكندرية» لوضع خطة للوصول إلى الجامعات المصرية ومراكز البحوث محلياً وعالمياً لتحقيق الاستفادة القصوى من هذا الكومبيوتر، بهدف زيادة البحوث العلمية في المنطقة. تقنيات ثلاثية الأبعاد وبيّن الدكتور مجدي ناجي مستشار «مكتبة الإسكندرية» في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات أن قوة ال «سوبر كومبيوتر» في معالجة البيانات توازي قوة عشرة آلاف كومبيوتر شخصي، ما يعطيه القدرة على التعامل مع الحوسبة المتطوّرة في مجالات تمتد من مشاكل المباني إلى مشاكل البيئة. وأضاف أن الأدوات التي يملكها هذا الحاسوب تتيح للباحثين «رؤية» بحوثهم في صور ثلاثية الأبعاد. ويستطيع علماء الوراثة مثلاً، رؤية صوراً ثلاثية الأبعاد عن الجينات وتركيبتها ودواخلها. ولفت إلى حرص فريق عمل ال «سوبر كومبيوتر» على حضور مؤتمرات ودورات تدريب وورش عمل، للتعرّف على مستجدّات التكنولوجيا المتّصلة بهذا الحاسوب، إضافة إلى تنظيم وُرَش عمل عن استخدامه في البحث العلمي، وتعريف المؤسسات الأكاديمية المحليّة بسُبُل الاستفادة المثلى منه. وبيّن أن تقنيات «الواقع الافتراضي» Virtual Reality تمثّل أبرز الأدوات العملية المتضمّنة في هذا الكومبيوتر، خصوصاً أنها تقدّم نتائجها عبر صور ثلاثية الأبعاد، ما ييسّر التعمّق في فهم البحوث العلمية. وفي سياق متّصل، نظّمت «مكتبة الإسكندرية» ورشة عمل حول استعمال التكنولوجيا الرقمية في حفظ التراث الثقافي، تناولت التقنيات المتقدّمة في هذا المجال، خصوصاً تلك التي تتناولها برامج التعاون المشترك مع الاتحاد الأوروبي. وعرضت الورشة مفهوم «المتحف الافتراضي» Virtual Museum، وشارك فيها عاملون في التراث الثقافي من قبرص ومصر وإيطاليا والأردن وفلسطين. وجرى تعريف المشاركين بالمشروعات الرقمية المختلفة في «مكتبة الإسكندرية»، مثل تقنيات التفاعل الافتراضي في تطبيقات العلوم والتكنولوجيا، وال «سوبر كومبيوتر» وغيرها.