يخوض الرئيس الأميركي باراك أوباما والنواب الجمهوريون في الكونغرس، معارك أكبر بخصوص الموازنة خلال الشهرين المقبلين بعد التوصل بصعوبة إلى اتفاق لتفادي «الهاوية المالية»، وتجنب زيادات كبيرة في الضرائب وخفوضات ضخمة في الإنفاق كان من شأنها أن تدفع الاقتصاد الأميركي إلى الركود. وكان الاتفاق، الذي وافق عليه مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون الثلثاء ووقّعه أوباما أول من أمس، انتصاراً للرئيس، الذي فاز بفترة رئاسية جديدة بفضل تعهدات بمعالجة مشاكل الموازنة عن طريق وسائل من بينها زيادة الضرائب على الأميركيين الأكثر ثراءً. لكن من المتوقع أن تحدث مواجهات حامية خلال الشهرين المقبلين بشأن خفض الإنفاق وزيادة سقف الاقتراض. وتعهد الجمهوريّون استخدام ذريعة سقف الدين للحصول على خفوضات كبيرة في الإنفاق المرة المقبلة. ويعتقد هؤلاء أن الكلمة الفصل ستكون لهم عند بحث زيادة سقف الاقتراض في شباط (فبراير)، لأن الإخفاق في التوصل الى اتفاق قد يعني التعثر في تسديد الديون، أو خفضاً آخر في التصنيف الائتماني للولايات المتحدة. وأدت مواجهة مماثلة في 2011 إلى خفض للتصنيف الائتماني للبلد. وقال عضو مجلس الشيوخ الجمهوري بات تومي: «تكمن فرصتنا هنا في سقف الدين... نحتاج نحن الجمهوريين، إلى الاستعداد لتحمل توقف جزئي لعمل الحكومة موقتاً». لكن أوباما والأعضاء الديموقراطيون في الكونغرس قد يتشجعون بالفوز في الجولة الأولى من المعارك المالية حينما صوت عشرات من الأعضاء الجمهوريين في الكونغرس على زيادات هائلة في الضرائب للمرة الأولى في عقدين. وقالت زعيمة الأقلية الديموقراطية في مجلس النواب نانسي بيلوسي: «نعتقد أن الموافقة على هذا القانون تعزز بقوة موقف الرئيس في المفاوضات المقبلة». وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي باراك أوباما وقع أول من أمس القانون المتضمن التسوية حول الموازنة والتي تسمح باستبعاد إجراءات تقشفية صارمة حالياً في الولاياتالمتحدة. وجاء في بيان أصدره أن أوباما أصدر «قانوناً حول دافعي الضرائب الأميركيين لعام 2012»، ينص على زيادة الضرائب على العائلات التي يتجاوز دخلها 450 ألف دولار ويؤجل قرارات الإنفاق لشهرين. كما أعلن أن أوباما أصدر قانوناً حول موازنة وزارة الدفاع الأميركية للسنة الجارية بقيمة 633 بليون دولار. وقال أوباما في بيان: «وافقت على هذا القانون الدفاعي الأميركي السنوي كما فعلت في السنوات الماضية، لأنه يسمح بتقديم دعم أساس لأفراد الجيش وعائلاتهم وبتجديد البرنامج الحيوي للأمن القومي والذي يساهم في مواصلة الولاياتالمتحدة أقوى برنامج عسكري في العالم». وكالات التصنيف في سياق متصل، أعلنت وكالتا «ستاندرد أند بورز» و «موديز» الأميركيتان للتصنيف الائتماني، أن الاتفاق حول الموازنة الأميركية بعيد عن حل مسألة الدين الأميركي العام، الذي لا يمكن أن يستمر على الأمد الطويل. وأوضحت «موديز» في بيان، أن التسوية التي توصل إليها الجمهوريون والديموقراطيون «لا تقدم أساساً لتحسن جدي في معدّلات دين الدولة الفيديرالية على الأمد المتوسط وبعد ذلك». ورأت أن من الضروري اتخاذ إجراءات أخرى لخفض العجز، مؤكدة أن هذه الإجراءات يجب أن تصدر «في الأشهر المقبلة» بعد مفاوضات جديدة بين الجمهوريين والديموقراطيين. ولفتت إلى أن تصنيفها للدين مرتبط بنتائج هذه المفاوضات التي ستسمح بإبقاء درجة الامتياز «أيه أيه أيه» أو خفضها الى «أيه أيه 1» بموجب التحذير الذي أطلقته في أيلول (سبتمبر) الماضي. وأشارت «ستاندرد أند بورز» في بيان، إلى أن «اتفاق الأمس لا يؤثر كثيراً في مسألة وضع المالية العامة الأميركية على مسار أكثر قابلية للاستمرار على الأمد المتوسط». يُذكر أن الوكالة خفضت علامة الولاياتالمتحدة إلى «أيه أيه +» في آب (اغسطس) الماضي. وكان صندوق النقد الدولي رحّب بالاتفاق المالي، لكنه اعتبره غير كافٍ، مطالباً البرلمانيين الأميركيين بالاتفاق على «خطة متكاملة» تحل جذرياً مشاكل المالية العامة. وقال الناطق باسم الصندوق، غيري رايس، في بيان «نرحّب بالإجراءات التي اتخذها الكونغرس الأميركي للحؤول دون زيادة الضرائب وخفض قاسٍ للنفقات العامة». وأضاف: «عدم تحرك الكونغرس كان سيطيح بالتحسن الاقتصادي» في البلد، مؤكداً أن «الأمر ما زال يتطلب مزيداً من الجهد لإعادة وضع المالية العامة الأميركية على مسار مستدام من دون الإساءة إلى التحسن الاقتصادي الهش». ارتفاع طلبات إعانة العاطلين من العمل ارتفع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات بطالة الأسبوع الماضي لكن البيانات لا تزال متأثرة بالعطلات فلا يمكن الاعتماد عليها لتقديم صورة واضحة عن ظروف سوق العمل. وأفادت وزارة العمل أمس بأن عدد الطلبات الجديدة لصرف إعانة البطالة الحكومية ارتفع بواقع عشرة آلاف ليصل إلى 372 ألف طلب، وهو رقم معدل لأخذ عوامل موسمية في الحسبان. وجرى تعديل الرقم في الأسبوع السابق بالارتفاع بمقدار 12 ألف طلب عن التقدير السابق. وتأثرت بيانات طلبات الإعانة الخاصة بالأسبوع المنتهي في 22 كانون الأول (ديسمبر) بالعطلات. وقال مسؤول في وزارة العمل إنه تم تقدير بيانات الأسبوع الماضي لتسع ولايات بينها كاليفورنيا وفيرجينيا بسبب عطلات عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية، ما يعني أن الأرقام معرضة للتعديل الأسبوع المقبل. وصعد المتوسط المتحرك للطلبات الجديدة في أربعة أسابيع، وهو مؤشر أفضل لاتجاهات سوق العمل، 250 طلباً الأسبوع الماضي إلى 360 الفاً. وأظهر تقرير لمؤسسة «اي دي بي ناشونال إمبلويمنت» زيادة في معدلات التوظيف للقطاع الخاص الأميركي الذي أضاف 215 ألف وظيفة في كانون الأول متجاوزاً توقعات المحللين. وكان اقتصاديون استطلعت وكالة «رويترز» آراءهم توقعوا أن يظهر تقرير المؤسسة زيادة الوظائف بواقع 133 ألف وظيفة.