اعتمدت الرعاية الصحية نموذج عمل جديداً حوّل التركيز من تطوير الأدوية الرائجة إلى مراجعة أداء منتجاتها والتنبه لنتائج التشريعات والقوانين الحكومية في مجال الصحة، على عملها واسترتيجياتها، إضافة إلى التركيز على الأسواق الناشئة لمواجهة تباطؤ النمو في قطاع الرعاية الصحية وانحسار الأرباح. وأشار تقرير أصدرته مؤسسة «ديلويت» بعنوان «تقرير علوم الحياة العالمية 2013: زيادة التفاؤل بفعل الواقع في وضع طبيعي جديد»، إلى أن أبرز أسباب هذا التحوّل هو انتهاء مدة بعض براءات الاختراع، والأدوية المنافسة، وضغوطات التسعير، والتشدّد في المسائل التنظيمية، والتوسع نحو الأسواق الناشئة، وزيادة التحالفات وعمليات الاستحواذ، واستمرار التباطؤ الاقتصادي. علوم الحياة وقال الشريك المسؤول عن الرعاية الصحية في «ديلويت الشرق الأوسط» هيرفي بالانتاين «بهدف تحقيق النمو، يعمد قطاع علوم الحياة العالمية إلى الابتعاد عن نموذج مبيعات الرعاية الأولية الصغيرة والتوجه نحو إرشادات الرعاية الثانوية المتخصصة، كما نشهد طريقتي عمل أخيراً عبر استخدام العلاجات البيولوجية المرتفعة الكلفة في الأسواق المتطورة وتسويق الأدوية ذات العلامات التجارية والتي لا تشملها براءات الاختراع في الأسواق الناشئة السريعة النمو». وأشار إلى أن «من المفترض أن تساهم عملية توفير الكلفة التي تسهلها عمليات الدمج والاستحواذ في زيادة الأرباح». ومن بين شرائح السوق المتخصصة، بلغت حصة مبيعات الأدوية 798 بليون دولار من عائدات الأسواق عام 2011، في حين حققت البيوتكنولوجيا 289 بليوناً، ويُتوقع أن تحقق السعودية، التي تعدّ من أضخم أسواق الأدوية في الشرق الأوسط، توسعاً نسبته 4.7 في المئة سنوياً لتصل إلى 4.7 بليون دولار بحلول عام 2016. واستعرض التقرير وضع علوم الحياة العالمية والمسائل المهمة التي تواجه أصحاب المصلحة المعنيين، مع التركيز على دول مجلس التعاون الخليجي حيث تُعتبر سوق علوم الحياة والرعاية الصحية نشطة، نظراً إلى معدّل السكان المتنامي لجهة الحجم والعمر وارتفاع إجمالي النفقات على الرعاية الصحية للفرد. وتوقع أن تواصل دول المجلس نموها بما نسبته خمسة في المئة سنوياً نتيجة تدفق اليد العاملة الأجنبية إلى المنطقة، وفي حين تراوح شريحة العمر السائدة بين 30 و44 عاماً حالياً، يُتوقع أن تنمو إلى ما بين 45 و65 وأكثر في شكل تراكمي بمعدّل ستة في المئة بين عامي 2011 و2022، علماً أن نسبة الشيخوخة المرتفعة هذه ستزيد من عبء أنظمة الرعاية وكلفتها. وأشار بالانتاين إلى «توجهات تتخذها الدول الخليجية والتي قد تؤثّر على شركات علوم الحياة والرعاية الصحية في المنطقة، ومنها تزايد استثمار الحكومات في حملات التوعية الصحية وبرامج تغيّر أنماط الحياة والتطورات التكنولوجية، ونمو العيادات الصغيرة ومراكز الإسعافات المتنقلة، وتزايد الاهتمام بالسياحة الطبية وأنظمة الرعاية الصحية الجديدة». وأشار التقرير إلى توجهات عالمية شجّعت نمو قطاع الأدوية، ومنها معدّل الشيخوخة الذي يرتفع باستمرار، وتزايد الإصابة بالأمراض المزمنة، والفرص في الأسواق الناشئة، والتطورات التكنولوجية والابتكار في المنتجات، وأحكام إصلاح الرعاية الصحية. التحديات وتطرّق إلى التحديات التي تواجه الرعاية الصحية في الدول الخليجية ومنها الاعتماد القوي على التمويل الحكومي، وتزايد كلفة الرعاية الصحية، إلى جانب الخيارات المحدودة في مجال التربية الصحية، والتوظيف المكثف لرأس المال في الرعاية الصحية ضمن القطاع الخاص، والنقص في الجهاز البشري الطبي، والبنية التحتية غير المتطورة مقارنة بالدول المتطورة. وشدّد التقرير على أن استكشاف الأنظمة الحالية للرعاية الصحية في دول الخليج يشكل تحدياً آخر يواجه شركات علوم الحياة، فلكل بلد في المجلس وكالة حكومية مسؤولة عن تنظيم قطاع الرعاية الصحية وعلوم الحياة. ووضع مجلس التعاون آلية تنظيمية لتسعير الأدوية، ما يرتب تداعيات مالية مهمة لشركات علوم الحياة العاملة في مجال تسجيل الدواء وتسعيره. وتحتل المنتجات التي تحمل براءة اختراع نسبة تتجاوز 90 في المئة من إجمالي مبيعات الأدوية الموصوفة في دول الخليج، كما أن السنوات الماضية شهدت فرض ضوابط على أسعار المنتجات المسجلة سعياً الى الحد من عبء الكلفة على دول الخليج وسكانها.