أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية أن اجتماعاً أمنياً رفيع المستوى عقد أمس في مقر الناحية العسكرية السادسة في تمنراست (2000 كلم جنوب العاصمة) حضره رؤساء أركان القوات المسلحة للجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر، بهدف «التشاور للتصدي المشترك للجرائم على الحدود، خصوصاً الإرهاب». وهذه المرة الأولى التي تنشر فيها المؤسسة العسكرية بياناً يعلن عن لقاء من هذا النوع في ولاية حدودية مع مالي. وذكر البيان أن اللقاء «تشاوري وتنسيقي لرؤساء أركان القوات المسلحة للدول الأربع» التي تشترك في حدود برية شاسعة ضمن ما يعرف بمنطقة الساحل والصحراء، حيث معسكرات «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي». وأوضح البيان أن هذا الاجتماع الذي يدوم يومين ينعقد في إطار «الجهود الحثيثة المبذولة من طرف السلطات السامية في الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر، لتعزيز علاقات التعاون العسكري والأمني». وأشار إلى أن هذا الاجتماع «سيكون فرصة لجميع الأطراف من أجل التطرق إلى المسائل ذات الإهتمام المشترك والبحث سوياً في سبل ووسائل توثيق التعاون للتصدي المشترك للجريمة المنظمة على الشريط الحدودي، وبصفة خاصة للإرهاب». وكشف مصدر عسكري جزائري ل «الحياة» أن اللقاء عقد في تمنراست، لأن المنطقة العسكرية السادسة هي التي ستتولى تنفيذ الالتزامات الجزائرية. وتغطي هذه المنطقة نشاط الجيش على امتداد ثلاث دول حدودية جنوباً. وقال إن «اللقاء يهدف أولاً إلى تحديد السلوك الأمني الأنسب لعزل مسلحي إمارة الصحراء في القاعدة عن الجماعات الإسلامية المتمردة شمال نيجيريا وبعض حركات التمرد في النيجر شرقاً» لحصر العمليات العسكرية المرتقبة في نطاق محدد. وعُلم في هذا الشأن أن الجزائر تدرس في اللقاء تنسيق كيفية ضمان تغطية جوية في العمليات العسكرية، وهو الدور الذي سيؤول إليها حسب ما أوضح المصدر. وتتضمن أجندة الاجتماع ست نقاط، أهمها فسح المجال لعبور الجيوش المشاركة إلى حدود دولة مجاورة مع إبلاغها بذلك، في حال حدوث مطاردات لا تنتهي عند حدود الدولة المعنية. ولهذا الغرض، سيعلن في ختام الاجتماع تأسيس مركز للعمليات، يجمع النقاط العسكرية في البلاد المشاركة، بهدف تنسيق العمليات من دون تداخل صلاحيات. وقدرت تقارير عديد القوات التي يرتقب أن تدفع بها هذه الدول إلى الواجهة في منطقة الساحل بنحو 25 ألف جندي، مع إشراك قبائل من الطوارق في شمال مالي في المواجهة مع «القاعدة». وتعمدت الجزائر الضغط على مالي أخيراًَ من أجل تسريع تدشين صندوق التنمية للشمال، لضمان حياد المتمردين السابقين من الطوارق، وهو أقصى ما كانت تتمناه الجزائر ومالي والنيجر التي حصلت على موافقة قبائل على خوض «الحرب ضد القاعدة». وتأتي هذه التطورات للتخفيف من حدة الضغوط التي تواجهها حكومة باماكو. وقال المصدر نفسه ل «الحياة» إن المسؤول العسكري المالي في لقاء أمس «أقر بحجم الضغوط التي تتعرض لها بلاده من دول غربية للتحرك عاجلاً... وطالب بمساعدات عسكرية وتقنية للجنود الماليين الذين سيشاركون في المهام». وتدرك الجزائر حجم هذه الضغوط على باماكو، و تعتقد بأن جمع قادة أربعة جيوش في اجتماع غير مسبوق، من شأنه وضع حد لمحاولات عسكريين أوربيين وأميركيين إجراء تحقيقات ميدانية عن نشاط «القاعدة» في المنطقة. وهي تخضع لضغوط مستمرة من فرنسا والولايات المتحدة اللتين تتهمان باماكو بالعجز عن وضع حد «للإرهابيين» الذين يهددون مصالح الدولتين الغربيتين في المنطقة. وتخضع مالي أيضا لضغط كبير من جانب الجزائر التي حذرتها من الوساطة التي تقوم بها في قضايا خطف الرعايا الغربيين التي تنتهي في الغالب بدفع فدية مالية، ما أثار استياء السلطات الجزائرية التي اعتبرت ذلك «تساهلاً» من جانب المسؤولين الماليين مع الجماعات المسلحة.