وصف عضو مجلس الشورى كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي الدكتور سعيد الشيخ، موازنة العام المقبل 2013، بأنها توسعية مقارنة بجميع الموازنات السابقة للدولة، وقال: «هنالك توسع كبير في الإنفاق الحكومي في الموازنة التقديرية للعام المقبل يفوق ما كان عليه في موازنة 2012، وأقل من الإنفاق الفعلي للموازنة ذاتها». وقال ل«الحياة»،: «إنه بسبب ما اعتدنا عليه في موازنات الأعوام الماضية فإن الموازنة التقديرية تأتي بإيردات ونفقات أقل ممّا يتحقق في آخر السنة نتيجة للتطورات الإيجابية التي تحدث في أسواق النفط». وتوقع الشيخ أن تفوق النفقات الفعلية ما قدر لها في الموازنة، وكذلك الإيرادات الفعلية، وقال: «في تصوري أن تقديرات موازنة 2013 وضعت عند أسعار نفط تراوح بين 68 و70 دولار للبرميل، وفي حال كانت الأسعار خلال العام المقبل مقاربة للمستويات الحالية والتي تصل إلى 110 دولار للبرميل فمن المتوقع أن تفوق الإيرادات الفعلية للدولة ما هو مقدر في الموازنة حالياً». وأضاف: «الفائض المتوقع في موازنة الدولة والبالغ تسعة بلايين ريال يمكن أن يصل الى 270 بليون ريال». وفي ما يخص القطاعات، أشار الشيخ إلى أن موازنة هذا العام لم تختلف عن الموازنات التي سبقتها، وركزت على التعليم في المقام الأول والذي خصص له 25 في المئة من الموازنة، مرجعاً ذلك إلى سياسة الدولة وتوجهها منذ سنوات لبناء الموارد البشرية، والتركيز عليها خصوصاً في مجال التعليم، إذ تتجه إلى بناء مدارس واستبدال المؤجرة بأخرى حديثة واستكمال البنية التحتية للجامعات والمعاهد الفنية والتي تعمل الدولة على التوسع فيها في شكل كبير. وأكد أن قطاع التعليم في السعودية يعد الأكبر من ناحية التوظيف، وبالتالي ليس مستغرباً أن يكون ربع الموازنة مخصص لهذا القطاع. ولفت الشيخ إلى أن ثاني القطاعات اهتماماً كان القطاع الصحي، وقال: «يأتي القطاع الصحي في المرتبة الثانية بعد التعليم من حيث اهتمام الحكومة السعودية بتطويره والتوسع في خدماته، خصوصاً أن من أولويات الدولة سد الحاجة المتزايدة للخدمات الصحية». وأشار إلى أن موازنات السعودية لسنوات عدة مضت اعتمدت على زيادة الإنفاق من خلال التركيز على الإنفاق الرأسمالي والذي وصل إلى ما يقارب 32 في المئة، وهو المحدد الأول للسياسات النقدية، موضحاً أن المحدد الثاني هو خفض الدين العام. وزاد: «بلغ إجمالي الدين العام في 2002 نحو 100 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، والآن انخفض إلى مستوى متدنٍ يمثل 3.6 في المئة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي»، لافتاً إلى أن المحدد الثالث للسياسة النقدية هو بناء احتياطات الدولة والتي تعتمد على تحويل جزء من فائض الإيرادات على هيئة ودائع في مؤسسة النقد تقدر حالياً ب1.5 تريليون ريال. وأوضح أن موازنة هذا العام حققت فائضاً كبيراً، إذ وصل حجم الإيرادات إلى 1.239 تريليون ريال، في حين وصل إجمالي النفقات إلى 853 بليون ريال، بفائض قدره 386 بليون ريال، منوهاً إلى إن السبب في ارتفاع الإيرادات يعود لسياسة الدولة المتحفظة في وضع الموازنة التقديرية، والتي في الغالب توضع عند مستويات منخفضة لأسعار النفط عمّا هي عليه في الواقع والتي قدرت بنحو 70 دولاراً للبرميل، في حين أن سعر البرميل في 2012 وصل الى 110 دولارات، إضافة إلى زيادة إنتاج النفط ليصل إلى 9.9 مليون برميل يومياً. وعزا الشيخ ارتفاع النفقات خلال 2012 إلى الزيادة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين بصرف راتبين لموظفي الدولة إضافة زيادة ال 15 في المئة في الرواتب ومعاشات التقاعد والضمانات الاجتماعية وغيرها، إذ أصحبت ثابتة وجزءاًَ من الإنفاق الحكومي. من ناحيته، قال عضو جمعية الاقتصاد السعودية طلعت حافظ ل«الحياة»: «إن الاعتماد الرئيسي في تقديرات الموازنة كان على النفط، ما يوجد فجوة بين المتوقع والفعلي، خصوصاً أن تحسن أداء القطاعات الأخرى لم يؤثر كثيراً على اعتماد السعودية على النفط كمادة رئيسية للإيرادات، وهذا يشكل بحد ذاته تحدٍ رئيسي للحكومة السعودية، إذ لابد من التقليل من الاعتماد على النفط كمحرك رئيس للدخل القومي». وأشار إلى أن النتائج الفعلية المتوقعة لعام 2012 كانت أعلى بكثير من تقديرات الموازنة، إذ زادت الإيرادات بنسبة 77 في المئة، منها 92 في المئة جاءت من النفط. لافتاً إلى أن السعودية عملت في شكل كبير على خفض الدين العام، مع الإبقاء علية بهدف امتصاص السيولة والتحكم في التضخم الداخلي.