بذلت كيسوانتي جهودا جبارة لحمل الناس على القراءة في اندونيسيا، وهو بلد يدمن مواطنوه شبكات التواصل الاجتماعي ويهملون الكتب. فعلى مدى ست سنوات كان تجوب الدروب الموحلة للبلدات النائية على متن دراجة هوائية في جاوا الغربية بصفتها بائعة لاعشاب طبية، حاملة معها الكتب على دراجتها لاعارتها الى الاطفال. الا ان جهودها المتواضعة كان لها اثر متنام ككرة الثلج، وباتت بلدتها الفقيرة الان تضم مكتبة حقيقة، وهو امر نادر حتى في مدن اندونيسيا الكبرى. وتقول كيسوانتي (46 عاما): "القراءة توفر المعرفة والمعرفة هي قوة. ينبغي الا يحرم احد من القراءة مهما كان فقيرا". واوقفت كيسوانتي نشاطها ك "امينة مكتبة جوالة" في 2005 عندما اصيبت بمرض في الكبد، ما جعلها حبيسة منزلها الصغير في بلدة بيماغارساري، حيث تؤدي دروب مغبرة غير معبدة الى الطريق الرئيسي للبلدة. لكن احد جيرانها ابقى على نشاط المكتبة المتنقلة التي اثارت اهتمام اطراف مانحة محلية ودولية، مما سمح بتوفير الاموال لمشروع "ليباكوانغي ريدينغ هاس" وهي مكتبة باتت تضم الان مجموعة من خمسة الاف كتاب. وتقول كيسوانتي في المكتبة التي اقميت في منزل مجاور لمسكنها "هذه المكتبة حلم تحقق. احيانا اكاد لا اصدق ان ذلك حصل فعلا". ويزور المكتبة نحو مئة شخص يوميا غالبيتهم من التلاميذ وتخطط كيسوانتي لتوسيع مجال نشاطها من خلال جذب مدرسين وتلاميذ مدارس في ثلاث بلدات اخرى. وتتمتع اندونيسيا بنسبة تعلم عالية جدا مقارنة بالدول النامية الاخرى، اذ ان تسعة من كل عشرة بالغين يتقنون القراءة، على ما تفيد تقاير البنك الدولي، الا ان الكتب ليست بمتناول الكثير من سكان البلاد البالغ عددهم 240 مليونا، اذ ان نصفهم يعيشون باقل من دولارين في اليوم. لكن البلاد تتمتع بتقليد شفهي للحكايات، مع عروض دمى قديمة جدا، ومسرحيات لا تزال تتمتع بشعبية كبيرة. المكتبات قليلة وبعيدة عن بعضها البعض، والكثير منها تديرها مؤسسات مثل "ياياسان اوساها موليا" التي تدير مكتبتين في جاوا الغربية وكاليمانتنا في وسط البلاد. وتقول المديرة التفيذية للمؤسسة نوريانا باراباواتي "ثمة بعض المكتبات العامة القليلة وغالبيتها تضم الموسوعات وليس الروايات التي يستمتع الشخص بقراءتها". الا ان الاندونيسيين يقرأون الكثير يوميا عبر الانترنت، فهم يشكلون ثالث اوسع مجموعة على فيسبوك في العالم، والخامسة عبر تويتر، وهم يدمنون توجيه الرسائل النصية القصيرة. ويقول توم ابنور وهو استاذ محاضر في معهد جاكرتا للفنون ان وسائل التواصل الاجتماعية والتلفزيون "اصبحت ادمانا وهي تشجع الافراد على الاصغاء والمشاهدة اكثر من القراءة". وثمة تشكيك راسخ بالكتب في اندونيسيا حيث كان الدكتاتور سوهارتو يستخدمها كأداة لدعايته الخاصة في ظل حكمه الحديدي. الا ان كيسوانتي لا تزال تأمل بدفع سكان بلدها الى اختيار الكتب، ويبدو ان العدوى انتقلت الى اخرين، فثمة 16 متطوعا غالبيتهم من ربات المنازل يساعدونها على ادارة مدرسة للصغار لتعليم الانكليزية والرياضيات في المبنى نفسه حيث توجد المكتبة. وتضم المكتبة الواقعة في طابقين كتب اطفال وروايات فضلا عن كتب نصائح غالبيتها باللغة الاندونيسية. وثمة كتب بالانكليزية منها اعمال لكتاب شعبيين مثل باولو كويلو وسيدني شيلدون واغاتا كريستي. وتقول "ساكون سعيدة الان ان حصلت على مغامرات تان تان في مكتبتي". واضطرت كيسوانتي الى ترك المدرسة في سن الثانية عشرة. وامضت طفولتها وهي تقطف الثمار والفستق، وكانت تنفق الاموال التي تتقاضاها لشراء الكتب. وعندما كبرت كانت تقوم باعمال تنظيف في منازل موظفين اجانب في بلادها في مقابل حصولها على روايات. ودفعها شغفها بالقراءة الى فرض شرط غير اعتيادي لزواجها من عامل البناء نغاتمين. ويقول نغاتمين (57 عاما) انه اضطر الى الموافقة على السماح لها بشراء ما ترغب به من الكتب. ويضيف "من الواضح ان زوجتي تحب الكتب اكثر مما تحبني، فهي تخلد الى السرير وهي تحمل كتابا وتقرأ حتى تغط في نوم عميق". ويختم قائلا "لاني احبها لا امانع ابدا ان اكون خيارها الثاني".