إذا تسلّم جون كيري وزارة الخارجية الاميركية فسيستفيد «حزب الله» كثيراً ويفيد إذا قابل الوزير الجديد في منتصف الطريق. «حزب الله» حركة تحرر وطني في وجه الإرهاب الاسرائيلي، ومقاومته مشروعة في قوانين السماء والأرض طالما هناك احتلال. غير أن الإدارة الاميركية تعتبر «حزب الله» منظمة إرهابية، فتعمى عن إرهاب اسرائيل وتنقل ما فيها الى أعدائها. ثمة عصابة شر ليكودية اميركية- اسرائيلية تلفق التهم لحركات المقاومة كلها، لذلك فواجب كل فصيل مقاومة ألا يسهّل المهمة على العصابة. إذا أخذنا «حزب الله» مثلاً، والكلام نفسه ينطبق على حماس والجهاد الإسلامي، فإن عليه أن يؤكد كل يوم أن المواجهة مع اسرائيل هي في أرض المعركة فقط، حتى لا يُتهم بكل إرهاب خارجي من الأرجنتين الى بلغاريا. عصابة الشر تحدثت أخيراً عن «معلومات» تزعم أن «حزب الله» يخطط لعمليات إرهابية في اوروبا، والحزب لن يفعل هذا، وإنما سبب الكذب أن الدول الاوروبية، بعكس الولاياتالمتحدة، غير مقتنعة بالمزاعم عن نشاط «حزب الله» الخارجي، وبعضها يرفض أن يعتبره منظمة إرهابية. اليوم هناك فرصة أخرى لاتهام «حزب الله» هي وجود مقاتلين له في سورية، وكنت دعوت «حزب الله» يوماً الى فك الارتباط مع النظام السوري، ولا أزال أفعل، وعندي أسباب أهمها أن النظام قد يسقط قريباً ولا نريد لحركة مقاومة وطنية أن تخسر معه، ثم إن النظام متهم بجرائم حرب، وهذا ليس وقفاً على الولاياتالمتحدة، بل إن الأممالمتحدة ووكالاتها المتخصصة اتهمت النظام في تقارير عدة بارتكاب جرائم حرب، وسيلحق ب «حزب الله» أذى كبير إذا حُمِّلَ مسؤولية بعض جرائم النظام ضد المدنيين، ما يسهل على عصابة اسرائيل إلصاق تهمة الإرهاب به. يتبع ما سبق أن الحرب الأهلية في سورية أخذت تنحو منحى طائفياً، و «حزب الله» حزب شيعي يعتمد على دعم ايران له فيسهل اتهامه بأنه مع طائفة ضد أخرى. وكنت أفضل لو ابتعد «حزب الله» عن ايران في هذه الأيام ليتجنب عداء دول الخليج له، أو للشيعة اللبنانيين العاملين فيها، بسبب المواجهة الحادة بين ايران وهذه الدول، إلا أنني أدرك أن الحزب لا يستطيع ولا يريد أن يبتعد عن ايران، فلا أطلب منه سوى بث ما يطمئن دول الخليج الى أنه ليس طرفاً مع ايران ضدها، ما يعيدني الى بداية هذه السطور ونصحي «حزب الله» أن يُفهم القاصي والداني أنه حركة تحرير تواجه اسرائيل في ميدان المعركة فقط، وليست له قضايا أخرى أو حروب في الوطن العربي أو خارجه. تجربتي مع الإخوان المسلمين في مصر أنهم لا يتحملون أي نقد، كبر أو صغر، فأرجو أن يكون السيد حسن نصر الله أوسع صدراً وأنا أقول له إنني لم أعجب كثيراً بمخاطبته ما بدا أنه القاعدة في سورية، وتحذيره من أن يقتتل الإسلاميون بعضهم مع بعض، وإشارته الى حسابات خاطئة لخصوم النظام، فهو أيضاً دخل دائرة هذه الحسابات الخاطئة فلا يرى اختلاف الوضع السوري الآن عنه في البداية. القاعدة منظمة إرهابية والسيد سيكسب كثيراً إذا هاجمها بالصوت العالي واتهمها بالإرهاب، وأعلن معارضة أساليبها والبعد عنها. القاعدة تقتل المسلمين حين لا تجد أحداً من «اليهود والصليبيين» لقتله، ولولا إرهابها في 11/9/2001 لما قُتِل مليون عربي ومسلم في حروب جورج بوش الابن بتحريض كامل من المحافظين الجدد الذين زوّروا عمداً مع بعض الخونة العراقيين الأدلة لتبرير الحرب. عصابة اسرائيل ستجد من الصعب جداً إقناع وزير من نوع جون كيري باختيار الصدام مع «حزب الله»، والحزب يقول إن نشاطه محصور بأرض المعركة، ويتهم القاعدة بالإرهاب ويبتعد عنها. ترشيح السناتور كيري يلقى معارضة هائلة من عصابة اسرائيل، فسجلّه معروف وهو يفضِّل التفاوض، ويحتاج الى أفعال وأقوال تبرر سياسته البعيدة عن المواجهة والصدام. وبما أن له خبرة 30 سنة في الكونغرس، وتحديداً في الشؤون الخارجية، فلا أحد يستطيع أن يخدعه. أبقى واقعياً ولا أطلب من «حزب الله» أن يغير جلده، وإنما أطلب منه أن يفعل ما يفيد لبنان والعرب والمسلمين والحزب قبل أي فريق آخر. [email protected]