صباح كل يوم من أيام الشتاء القارس الذي يضرب منطقة الاطلس المتوسط في المغرب، يرافق سالم ابنه الى المدرسة مشياً على الأقدام وسط الثلوج، متحدياً كبقية سكان قرى الأطلس المتوسط العزلة الناتجة من برودة الشتاء ونقص الوسائل. وعلى بعد كيلومترات من قرية تيمحضيت الأمازيغية (وسط) الواقعة في واحدة من أبرد مناطق المغرب، لم تعد الطريق الصغيرة غير المعبّدة والمؤدية الى قبيلة آيت قاسو صالحة لمرور وسائل النقل بسبب الوحل والثلج. ويقول موحى أوعلي، وهو رب أسرة يعيش مع أطفاله في المنطقة: «لا تستطيع الشاحنات الصغيرة والكبيرة الاقتراب من الطريق الموحلة، أستعين بالبغل لقطع عشرات الكيلومترات من أجل التزود بالمؤن، الناس مثلنا ليس لديهم حياة هنا». ويحاول سعيد سالم جاهداً، وهو يمسك بيد ابنه البالغ 8 سنوات، ان يشق طريقه وسط الثلج للوصول الى المدرسة، حيث يضطر الى حمله احياناً ليسارع الخطى. ويقول: «عليّ ان أرافقه الى المدرسة التي تبعد ثلاثة كيلومترات عن البيت، فليس باستطاعته الذهاب وحده»، مطالباً بحضور أكبر للدولة في المنطقة. ويضيف: «نحن لا نطلب المستحيل. نريد فقط طريقاً جيدة لفك العزلة عنا. هذا كل ما نطلبه». ولا تستطيع وسائل النقل العادية بسبب سوء حالة الطرق المنجرفة او المقطوعة، تزويد الأسواق الأسبوعية لقرى الأطلس المتوسط بما يحتاجه سكانها من سلع ومؤن. وتثير السلطات المحلية موضوع نقص الإمكانات في شكل مبطن، اذ تعتبرها «معرقلة» لفك العزلة عن ساكني المنطقة خصوصاً عندما يسجل ميزان الحرارة أدنى الدرجات في هذه الفترة من الموسم. ويقول أحد المنتخبين المحليين مفضلاً عدم ذكر اسمه: «لا توجد في المنطقة كلها سوى آلة وحيدة لإزاحة الثلوح، وهذا غير كاف».ويضيف: «يجب ألا ننسى ان موازنة البلدية محدودة للغاية، ومن دون استراتيجية شاملة للدولة لحل مشكلة البنية التحتية في هذه المناطق الريفية، فإن مشكلة العزلة ستعود الى الواجهة كل فصل شتاء». ويقول سكان قريتي تيمحضيت وأنفكو في الأطلس الكبير، وهما من الأكثر تضرراً من مشكلة العزلة، إن تساقط الثلوج هذه السنة كان أقوى من العام الماضي. ولا يظهر من غابات الأرز الشهيرة التي تغطي الجبال وتشكل لوحة طبيعية جميلة، إلا القليل، وسط كثافة الثلوج التي دثّرت الجبال. ويعتبر لحسن أوحلي، الناشط في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في المنطقة أن «آثار الثلوج ليست كلها سلبية، فهي تتيح ملء الآبار والسدود، لكن مع غياب البنية التحتية اللازمة يعاني السكان العزلة، خصوصاً الفقراء منهم». ويؤكد أن «الذين يملكون الإمكانات المادية يستعملون الجرارات للتزود بالمؤونة، وبالتالي هم أقل عزلة من الآخرين، الذين لا يملكون سوى البغال او الحمير او أقدامهم».