فيصل بن بندر يعزي في وفاة عبدالرحمن الحماد وصالح بن طالب    سعود بن بندر يرأس الاجتماع الرابع لمجلس إدارة مؤسسة تطوير جزيرة دارين وتاروت    رجل في اليابان يعثر على دب داخل منزله    الأمين العام لجامعة الدول العربية يلتقي وزير الشؤون الخارجية الصومالي    مدرب المنتخب السعودي: طموحنا مستمر وسنعمل لتصحيح المسار أمام اليمن غدًا في خليجي 26    أمير الشرقية يستقبل وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية    مجلس الوزراء يقر الإستراتيجية التحولية لمعهد الإدارة العامة    لبنان تقدم شكوى لمجلس الأمن احتجاجا على الخروقات الإسرائيلية    إجراءات تركية جديدة لتسهيل عودة اللاجئين السوريين    منتدى المدينة للاستثمار.. يراهن على المشروعات الكبرى    انطلاق منافسات سباقات الخيل في ميدان الفروسية بالدمام الجمعة المقبل    عبد العزيز بن سعد يشهد الحفل السنوي لجمعية الأطفال ذوي الإعاقة بحائل 2024    المملكة تُطلق الحوافز المعيارية لتعزيز الصناعة واستقطاب الاستثمارات    خطة تقسيم غزة تعود إلى الواجهة    سفير المملكة لدى أوكرانيا يقدّم أوراق اعتماده للرئيس فولوديمير زيلينسكي    225 مليون مستفيد بجمعية هدية الحاج والمعتمر    «ليوان» تشارك بفعالية في معرض الأمانة العامة لمجلس التعاون (استثمار وتمكين)    "الوعلان للتجارة" تحتفل بإطلاق "لوتس إمييا" 2025 كهربائية بقدرات فائقة    من رواد الشعر الشعبي في جازان.. عبدالله السلامي    تشريعات وغرامات حمايةً وانتصاراً للغة العربية    فريق علمي لدراسة مشكلة البسر بالتمور        "البروتون" ينقذ أدمغة الأطفال.. دقة تستهدف الورم فقط    تحت رعاية خادم الحرمين.. «سلمان للإغاثة» ينظم منتدى الرياض الدولي الإنساني الرابع    الجيلي يحتفي بقدوم محمد    جسر النعمان في خميس مشيط بلا وسائل سلامة    "موسم الرياض" يعلن عن النزالات الكبرى ضمن "UFC"    وزير داخلية الكويت يطلع على أحدث تقنيات مركز عمليات 911 بالرياض    تيسير النجار تروي حكاية نجع في «بثينة»    الصقارة.. من الهواية إلى التجارة    زينة.. أول ممثلة مصرية تشارك في إنتاج تركي !    عمان تواجه قطر.. والإمارات تصطدم بالكويت    قبل عطلات رأس السنة.. أسعار الحديد ترتفع    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان    "الصحي السعودي" يعتمد حوكمة البيانات الصحية    مستشفى إيراني يصيب 9 أشخاص بالعمى في يوم واحد    5 طرق لحماية أجسامنا من غزو البلاستيك    محمد بن سلمان... القائد الملهم    إعداد خريجي الثانوية للمرحلة الجامعية    قدرات عالية وخدمات إنسانية ناصعة.. "الداخلية".. أمن وارف وأعلى مؤشر ثقة    "الداخلية" تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    تنمية مهارات الكتابه الابداعية لدى الطلاب    منصة لاستكشاف الرؤى الإبداعية.. «فنون العلا».. إبداعات محلية وعالمية    محافظ جدة يطلع على برامج "قمم الشبابية"    آبل تطور جرس باب بتقنية تعرف الوجه    استدامة الحياة الفطرية    سيكلوجية السماح    عبد المطلب    زاروا معرض ومتحف السيرة النبوية.. ضيوف «برنامج خادم الحرمين» يشكرون القيادة    وتقاعدت قائدة التعليم في أملج.. نوال سنيور    «بعثرة النفايات» تهدد طفلة بريطانية بالسجن    رشا مسعود.. طموح وصل القمة    احترم تاريخ الأخضر يا رينارد    التشريعات المناسبة توفر للجميع خيارات أفضل في الحياة    تجويد خدمات "المنافذ الحدودية" في الشرقية    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    استشهاد العشرات في غزة.. قوات الاحتلال تستهدف المستشفيات والمنازل    ولادة المها العربي ال15 في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شهادات مثقفين عرب 1
نشر في الحياة يوم 27 - 12 - 2012


أحمد عبدالمعطي حجازي
إن العنف الذي يمارس ضد المثقفين قديم يسبق وصول جماعات الإسلام السياسي إلى السلطة في غير بلد عربي، فهذه الجماعات موجودة في مصر مثلاً من قبل أن تغتصب السلطة وتصبح في أيديهم، وكانت تمارس نفوذاً في ميادين مختلفة، في مقدمها ميدان الثقافة، مستغلة في هذا طبيعة نظام صنعه ضباط الإنقلابات المختلفة في مصر، وسورية، والسودان، مروراً بتونس، والجزائر واليمن. هذا النظام البوليسي اضطهد الثقافة والمثقفين لأنها العدو الأول للديكتاتورية العسكرية، فالثقافة معناها الديموقراطية والحريات للفرد والجماعة. الذين تصدوا للنظم البوليسية هم المثقفون. في فترة الخمسينات والستينات شهدت مصر عمليات اضطهاد مستمر للثقافة والمثقفين، إذ صودرت الصحف، وزُج بالكُتاب والمثقفين عموماً داخل المعتقلات والسجون، وتحولت المؤسسات الثقافية إلى أبواق للنظام السابق الذي في عهده قام عدد من المرتزقة من المشتغلين بالقانون، باختراع «قانون الحسبة» الذي كان تكئة للعصف بالحريات وبالثقافة، وتعبيراً عن هذا الحلف غير المقدس بين السلطة والجماعات الإسلامية التي تدعي أنها شاركت في الثورة، وحقيقة الأمر هي أنها قفزت على الثورة وسرقتها.
اضطهاد المثقفين وممارسة العنف ضدهم من قبل جماعات متأسلمة لم يبدأ اليوم لأن الجماعات التي تمارسه لم تبدأ اليوم، صحيح أن السلطة كانت تلقي بعض قادتها في السجون، لكنها، وعلى جانب آخر، كانت تترك لها الصحف التي يزعمون أنها «قومية» لتبث سمومها من خلالها، ففي هذه الصحف كانت تنشر فتاوى قانونية تقول إن المسلم الذي يصافح مسيحياً أو يذهب ليهنئه بعيد أو يشاركه العزاء في مأتم، هو «مرتد». هذا العنف ليس جديداً، وهو في ازدياد، ونرى هذا في صور مختلفة مثل ما وجدناه في هذا الدستور المزيف الذي يفرضونه على المصريين بالتضليل والخداع والذي من خلاله وباسم الشريعة تصادر ليس فقط حقوق المثقفين بل حقوق الأمة، وعندما يصادر حق الأمة في التشريع فإن كل شىء يخضع للمصادرة. هناك نص في دستور مصر الجديد يتحدث عن حق المجتمع في الرقابة على الأخلاق، وهذا يعني إفساح المجال أمام جماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ما يعني أننا أصبحنا في مجتمع الغلبة فيه لقوانين الحسبة التي تتيح لأي شخص مهما كان صعلوكاً أن يزج بالأبرياء داخل السجون أو يكفرك تماماً كما حدث مع نصر حامد أبو زيد الذي فرق أحد القضاة بينه وبين زوجته بتهمة أنه مرتد.
نضال الأشقر
«إذا لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب»، هذه المقولة الفائتة هي الأساس الذي يُبنى عليه المجتمع المعاصر. وبهذه العقلية الخطيرة يربى أولادنا لينشأوا على فكرة سطوة الأقوى. ثقافة العنف تُزرع في الطفل زرعاً وتجعله مقتنعاً بأنّ «عضلاته» تقوده إلى حيث يريد. الحياة نفسها تُعنّف الإنسان، والأمر يحتاج وقتاً طويلاً حتى تتغيّر عقليات «العنف» المتراكمة والموروثة والتي تُكرّس فلسفة تفوّق القويّ على الضعيف والغني على الفقير والرجل على المرأة...
العنف متجذّر في غريزتنا الإنسانية وليس علينا سوى ترويض غرائزنا هذه والمصارعة من أجل تغيير العقلية السائدة وزرع قيم جديدة تقوّي الإنسانية ضدّ ما يكمن في دواخلنا. ولا يمكن أن يحدث مثل هذا التغيير إلّا بعد تبديل واقع التربية والأفلام والمسلسلات والبرامج التي تنقل عنف الشوارع إلى البيوت. عبر الشاشات نتجرّع العنف في كلّ وجوهه وأساليبه، ضدّ الأطفال، ضدّ النساء، ضدّ المواطنين...
جثث، دماء، رؤوس مقطوعة... ثمّة كم هائل من العنف الذي ما زال مستمراً في صعود مخيف نتيجة الكذبة الكبيرة المُسمّاة «الربيع العربي». واقع العنف الذي يعيشه العالم العربي اليوم مُرعب وبعض الدول باتت تترحم على زمن الديكتاتوريات لأنّ العنف ظلّ مستمراً وإن في أشكال أخرى. هذا الواقع هو بالضبط نتيجة المخطّط الغربي الذي سعت إليه بعض الدول الاستعمارية الكبيرة التي استفادت من الحركات العفوية الأولى لتتدخّل وترمي بالشعوب العربية في أتون القتال والاقتتال. المستعمرون ما زالوا هم أنفسهم وهدفهم اليوم تفتيت العالم العربي إلى طوائف وأحزاب يستفيدون منها هم وإسرائيل. والمشكلة أن بعض الدول العربية تستجيب لرغبات هذه الدول الغربية التي لا تريد السلام لعالمنا وعائلاتنا وأطفالنا، بل ترغب في مزيد من القتل والظلم والعنف. 
يوسف القعيد
إن العنف اللفظي والعجز عن الحوار والتخوين والقتل رمياً بالشائعات، هي سمات ما يدور بين جماعات المثقفين في مصر الآن. لا يمكن الفصل بين المثقف والمجتمع المحيط به ولا بين طريقته في إدارة الجدل والمناقشات وبين قدرة المجتمع على تقبل فكرة الحوار على رغم أن المثقف من المفترض أنه يقود المجتمع إلى الأمام، ويقدم المثل والقدوة للعامة، ويصبح جرس إنذار حيال الآتي. إن الإقصاء بات جزءاً من المشهد الثقافي في مصر، لا أحد يريد بجواره أحداً. الكل يبحث عن منصة خالية وميكروفون وجمهور أمامه ليتكلم بمفرده، على شكل مونولوغ داخلي يعرف كيف يبدأه، لكنه يعجز عن الانتهاء منه: أنا، أنا، أنا، ومن بعدي الطوفان. بعض هذه الأمور كان سائداً على استحياء من قبل في مصر، ولكن فراغ ما بعد سقوط السلطة التي كانت قائمة جعل الرغبة في الانفراد ونفي الآخر القاعدة التي لا استثناء لها. لكن ثمة مشكلة طارئة تتمثل في عدد من المثقفين الذين «تأسلموا»، فبعضهم يبحث في جذور أسلافه لعله يجد أحدهم كان «إخوانياً»، أو أن يتصور أنه أخفى «أخونته» خوفاً من السلطات الظالمة التي كانت موجودة، وبعداً من أخطار السجن والاعتقال والتشرد. ماذا نفعل مع هؤلاء؟ هل نقابل الإقصاء بالإقصاء؟ هل نرفع شعار النفي قبل أن يصبح شعارهم، خصوصاً أن المثقف الذي يبحث لنفسه عن صورة بأثر رجعي من الصعب اعتباره مثقفاً حقيقياً.
إنهم يسعون الآن لتأسيس تنظيمات تقوم على كلمة واحدة: الأسلمة، وسلوك وحيد: التدين الظاهري، وخضوع مؤكد يجعل المثقف يتنازل عن جميع أسئلته تجاه الوجود ليُسلِّم بما هو موجود ويجرد نفسه من عقله ومن تراثه، ويقدم أوراق انتسابه إلى زمن جديد يهلُّ على مصر.

صنع الله إبراهيم
عمليات التصفيات الجسدية والاغتيالات التي كانت تحدث أواخر العهد الملكي عامي 1947 و1948 وفي عهد جمال عبدالناصر تدل على أن العنف المادي الذي يمارس ضد كتاب أو مثقفين ليس جديداً، الجديد أنه يتصاعد حتى أصبح ظاهرة، بخاصة بعد ما رأيناه يحدث في الأيام الأخيرة في مصر، من حصار ل «مدينة الإنتاج الإعلامي» ولمبنى المحمكة الدستورية، وعمليات الاحتجاز والضرب والتعذيب للمعارضين أمام القصر الجمهوري. أما بالنسبة إلى العنف الذي يمارس بين المثقفين والذي عادة لا يتجاوز العنف اللفظي، فهذا أمر يحدث بين المثقفين في مصر وفي دول أميركا اللاتينية وأوروبا وفي كل مكان في العالم.
خليل صويلح
لا أظنّ أنّ ثقافة العنف حال عربية طارئة بزغت فجأة. في معظم كتب التراث التي نعتزّ بها، حمولة فائضة من العنف اللفظي نحو الآخر، الفسحة التي أتاحتها الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي أجهزت على العقلانية لمصلحة معجم عسكري وقبلي وديني، وإذا بالمعارك تدور بين العشائر والبطون والأفخاذ على الماء والكلأ لإرضاء غريزة القطيع. الكيبورد تحوّل إلى بلطة وسيف لجزّ أعناق الأفكار المضادة وتعويض الخسائر الفردية. نحن إزاء افتراس لغوي في الدرجة الأولى. أن تلتهم الضحية بشهيّة بلاغية كاملة، مستعيناً بمعجم الجاهلية، وكتب التراث الصفراء، والأقوال المأثورة في إطاحة الخصم، وتكسير الركب، افتراس شفوي، وآخر تحريري، وثالث ميداني، في نهاية المطاف لن نجد أكثر من وليمة عظام. نحن إذاً على موعد مع البداوة الأولى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.