عادت بلدان أوروبية مختلفة إلى طرح مشاريع تعاون إقليمية مع دول المغرب العربي في المجالين الاقتصادي والبيئي بهدف تعزيز الشراكة بين الجانبين والحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين من الجنوب إلى الشمال. وعلمت «الحياة» أن أمين عام «الاتحاد من أجل المتوسط»، فتح الله السجلماسي، عرض على البلدان المغاربية 14 مشروعاً اقتصادياً متوسطياً ستنفّذ في إطار الاتحاد، إلا أن أكثريتها تنتظر التمويل بسبب الضائقة المالية التي تمر فيها البلدان الأوروبية. وأفادت مصادر مطّلعة، أن الجانب الأوروبي يأمل في أن تساهم كل من الجزائر وليبيا، وربما بلدان خليجية في تمويل تلك المشاريع، وأن زيارة السجلماسي الجزائر اندرجت في هذا الإطار. وتشمل المشاريع قطاعات مختلفة، بينها الطاقة والنقل والبحث العلمي والموارد المائية وحماية البيئة. وتوقع وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي بعد محادثات مع السجلماسي أن تكون سنة 2013 «سنة الانطلاقة الفاعلة والملموسة لهذه المشاريع الموجودة الآن كملفات، والتي لا بد من تجسيدها في الواقع». وكان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند قال أمام البرلمان الجزائري خلال زيارته الأولى للجزائر الأسبوع الماضي، إن البلدين يمكن أن يشكلا قاطرة الاتحاد من أجل المتوسط، أسوة بالدور الذي لعبته ألمانيا وفرنسا في إنشاء الاتحاد الأوروبي. وتركز المحاور الستة للتعاون الإقليمي التي حددها الخبراء والوزراء في إطار اجتماعات «الاتحاد من أجل المتوسط»، على المياه والنقل والطاقة وحماية الآثار والربط الكهربائي وحماية البيئة. ومن الخطوات التي قطعت في المجالات الفنية إنشاء صندوق الاستثمار «أنفراميد» بوصفه الذراع التمويلية لمشاريع الاتحاد في أيار (مايو) 2010. وخُصصت للصندوق اعتمادات حُددت ب385 مليون يورو لتمويل المشاريع المقررة في إعلان باريس التأسيسي. وكان يؤمل أن يُتيح الصندوق جمع مساهمات من القطاع الخاص لتمويل مشاريع في البلدان ال43 الأعضاء في الاتحاد. وأطلق هذا المشروع كل من «الصندوق الفرنسي للودائع»، الذي ساهم ب150 مليون يورو، بالاشتراك مع «صندوق الإيداع والإقراض «الإيطالي 150 مليون يورو و»صندوق الإيداع والتسيير المغربي» 20 مليون يورو و «هيرمس» مصر 15 مليون يورو و «البنك الأوروبي للاستثمار» 50 مليون يورو. غير أن مشاريع أخرى أدرجت في إطار «الاتحاد من أجل المتوسط» تعثرت، وفي مقدمها «الخطة الشمسية المتوسطية» الرامية لإنتاج 20 غيغاواط من الطاقات المتجددة بحلول العام 2020، ومشروع المياه المتوسطي الرامي إلى تنظيف البحر المتوسط من التلوث. رؤية معدلة ويمكن القول إن الرؤية الأوروبية، المعدّلة بمفعول الثورات العربية، تجلّت بوضوح في وثيقة مشتركة أصدرتها مؤسسات صنع القرار في الاتحاد الأوروبي، ومن ضمنها البرلمان الأوروبي واللجنة الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية، في 15 أيار (مايو) الماضي وأطلق عليها اسم «الوفاء بتعهدات سياسة الجوار الأوروبية الجديدة». وتعرض الوثيقة على بلدان الضفة الجنوبية للمتوسط تعاوناً يشمل دعماً مالياً أكبر إلى جانب تسهيل تنقل الأشخاص بين الضفتين وتحقيق تكامل اقتصادي بينهما، لكن بشرط إحراز البلد المعني تقدماً في مجال حماية حقوق الإنسان وإنجاز إصلاحات ديموقراطية. إلا أن الخبير المصرفي المغربي، عبد الرحيم بوعزة، أكد أن نسبة النمو في منطقة المتوسط تراجعت بنسبة اثنين في المئة، بسبب تراجع الصادرات وانحسار إيرادات السياحة والتحويلات المالية للمهاجرين. وأوضح ل «الحياة» أن الاحتياط من العملات الأجنبية لدى المصارف المركزية في المنطقة تراجع أيضاً، إذ لا يُغطي في أفضل الأحوال أكثر من أربعة أشهر من المستوردات. وأشار إلى أن الأعراض السلبية تتضمن ارتفاع نسبة القروض المتعثرة لدى المصارف وتراجع البورصات بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية.