بدأ في الأردن أمس «ماراثون» الانتخابات النيابية عبر حملات دعائية ضخمة واعتماد لأسماء المرشحين والقوائم التي يفترض أن تخوض العملية السياسية المقبلة في 23 كانون الثاني (يناير) من السنة الجديدة. وأعلنت الهيئة العليا المشرفة على الانتخابات اعتماد طلبات الترشح ل 31 قائمة تتنافس على 27 مقعداً من أصل 150 خصصت للبرلمان المقبل. وأفادت بأنها تلقت حتى ظهر أمس نحو 503 طلبات للترشح على المقاعد الفردية التي خصصت لها 108 مقاعد، والكوتا النسائية التي خصص لها 15 مقعداً، إضافة إلى دوائر البدو ال 3. وترشح على القوائم والفردي مرشحون عن تيارات سياسية غالبيتها قريبة من النظام وبعضها وسطي، فيما اعتمدت قائمة واحدة ل 4 أحزاب معارضة يسارية وقومية كانت فازت بمقعد واحد بانتخابات عام 2010. وتقاطع الانتخابات أحزاب «جبهة العمل الإسلامي»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان»، و»الوحدة الشعبية» و»الشيوعي» اليساريان، إلى جانب حزب «الوطني الدستوري» الوسطي، وحراكات شعبية وشبابية ولدت من رحم الربيع العربي قبل عامين. وبموازاة ذلك، ظهرت الحملات الانتخابية بشكل متسارع منذ ساعات الفجر الأولى ليوم أمس في العاصمة عمان والمحافظات المختلفة. وتسابق المنخرطون فيها على استعراض صور مرشحيهم التي غلب عليها الإفراط باستخدام برامج التجميل الإلكترونية مثل «الفوتوشوب»، إلى جانب توزيع الابتسامات والوعود الانتخابية. وغطت هذه الصور التجمعات والميادين العامة في العاصمة، ما تسبب بأزمة سير خانقة مع ساعات الظهيرة وازدحامات غير مسبوقة على الجسور المعلقة والمخصصة للمارة. وخلت شعارات غالبية مرشحي دوائر العاصمة من أي عبارات سياسية، مكتفية بالترويج لعناوين خدمية عامة تتعلق بالأوضاع المعيشية للمواطنين. وأظهرت الدعاية الانتخابية المحمومة خطوات سريعة لمديري حملات المرشحين، إذ بدأ هؤلاء سباقاً محموماً على حجز الأماكن الحيوية لنصب لافتاتهم الملونة والمزخرفة بأثمان باهظة. وكان لافتاً أن الدوار الرابع المجاور لمقر رئاسة الوزراء، والذي شهد طيلة الأشهر الماضية اعتصامات وتظاهرات معارضة رفع فيها سقف الهتاف، من أكثر الأماكن انتشاراً لصور المرشحين وشعاراتهم. ولم تخل عملية تعليق صور المرشحين من العنف الانتخابي بعد أن سجلت صباح أمس مشاجرة بين أنصار مرشحين كانوا يتسابقون على أماكن يعتبرونها مهمة لتعليق صور مرشحيهم، حسب مسؤول في «هيئة الانتخابات». لكن بعض المرشحين فضل التواصل مع الناخبين عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة، وبدأ ينشر دعايته الانتخابية من خلال «فايسبوك» و»تويتر»، إلى جانب الاستعانة بالمدونات والرسائل النصية القصيرة (أس أم أس). وبعيداً عن الدعاية الانتخابية، أعلن التحالف المدني لرصد الانتخابات البرلمانية (راصد) عن «مخالفات» شابت عملية تسجيل المرشحين والقوائم. وطالب بإلغاء نتائج قرعة أجرتها «هيئة الانتخابات» بين ممثلي عدد من القوائم، كما شكا من ضعف التجهيزات وعدم وضوح التعليمات واستكمال الوثائق بين دوائر التسجيل. وذكر بيان ل «راصد» أن «بعض المرشحين اعتدى على أعضاء التحالف بالشتم والتجاوزات اللفظية لمراقبتهم عملية التسجيل، فيما أطلق مرشحون الأعيرة النارية احتفالاً بتسجيلهم كمرشحين». وأضاف: «رصدنا وجوداً لممثلي جهات أمنية يرتدون زياً مدنياً داخل بعض مراكز التسجيل، وحاول عدد منهم الحصول على معلومات انتخابية عن عملية التسجيل، خصوصاً في مدن الرمثا والمفرق والزرقاء والطفيلة والبادية الشمالية». وأوصى البيان ب «ضرورة أن تضمن الحكومة عملية التسجيل وسط أجواء آمنة وعدم حصول أي تدخلات من أي جهة أمنية وبأي شكل من الأشكال». ووصفت الحكومة بدء عمليات الترشح وانطلاق الحملات الدعائية بأنها «رد عملي على كل محاولات التشكيك بنجاح العملية الانتخابية». وقال الناطق باسم الحكومة، الوزير سميح المعايطة ل «الحياة» إن «الانتخابات تؤكد انحياز الأردنيين إلى فكر المشاركة والسعي إلى الإصلاح من خلال المؤسسات الدستورية، ونحن كحكومة نؤكد إصرارنا على إنجاح العرس الديموقراطي من دون أي خروق». واعتبر أن «نزاهة الانتخابات ضرورة وطنية لترميم علاقة المواطن بالدولة ودعم مكانة العمل النيابي». لكن الرجل الثاني في جماعة «الإخوان» زكي بني أرشيد، وصف بدء الحملات الانتخابية بأنها «هرطقات لن تنفع في وقف مطالبة الشعب بحقوقه». وقال في تصريح نشر على الموقع الرسمي للجماعة: «هل تعلمون أن كل الأنظمة البائدة كانت تدّعي الديموقراطية وتجري انتخابات دورية وتتشدق برعاية حقوق الإنسان؟».