وسط حال انقسام بين المعارضة المصرية حول مقاطعة الاستحقاق النيابي المقرر له نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، بدأت على الأرض ملامح معركة انتخابية تشير الدلائل إلى أنها ستكون «ساخنة لدرجة الاشتعال» كونها تمثّل مرحلة تمهيدية لانتخابات الرئاسة التي ستحل في خريف العام المقبل. وتتعدد القراءات للمشهد السياسي في مصر ما بعد الانتخابات البرلمانية، حتى قبل أن تُجرى. ففيما يرجّح مراقبون عدم حصول تغيير جذري في الرتابة السياسية الموجودة حالياً، يهتم آخرون خصوصاً بما ستتمخض عنه نتائج الصراع المنتظر بين الحزب الوطني الحاكم وجماعة «الإخوان المسلمين». ونقلت وكالة أسوشيتد برس أمس عن رئيس الوزراء المصري الدكتور أحمد نظيف أن الانتخابات الرئاسية المقبلة ستكون شفافة وأن المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي يمكنه أن يترشح فيها إذا انضم إلى حزب سياسي أو أنشأ حزباً خاصاً به. وقال نظيف في مؤتمر استثماري أمس إنه يتوقع أن تُقدّم الأحزاب السياسية مرشيحها لانتخابات عام 2011 في خلال ستة إلى ثمانية شهور. وأضافت الوكالة أنه أبلغها أن في إمكان البرادعي «أن ينضم أو يؤسس حزبه السياسي» إذا أراد أن يترشح. وتجعل مواد الدستور المصري من الصعب إن لم يكن من المتعذّر أن يترشح البرادعي مستقلاً لخوض انتخابات الرئاسة. ومن المقرر أن يعلن الحزب الوطني الحاكم نهاية الأسبوع الأول من الشهر المقبل قوائم مرشحيه لانتخابات مجلس الشعب، بينما يظهر الارتباك على تحركات أحزاب المعارضة. فقد أعلنت أحزاب الوفد والتجمع والناصري (وهي أكبر الأحزاب السياسية) عزمها المشاركة في الانتخابات متجاهلة الدعوات التي اطلقها معارضون آخرون للمقاطعة. وأقرت عضو الهيئة العليا في حزب الوفد منى قرشي بحدوث تضارب وارتباك داخل الحزب في شأن الاستقرار على قوائم المرشحين، وأكدت أن هذا الارتباك يمكن أن «يؤثر في مسيرة مرشحي الوفد خلال العملية الانتخابية». وقالت ل «الحياة»: «ما زالت حتى الآن الصورة غير واضحة وهناك تضارب في التصريحات وارتباك داخل دوائر الحزب في عدد من المحافظات، الأمر الذي سيؤثر بلا شك على مسيرة المرشحين. فمسألة الدعاية الانتخابية وحشد الناس تحتاج إلى وقت». لكنها قالت «إن حسم القوائم سيكون خلال الأيام القليلة المقبلة». وأشارت إلى أن هناك 200 عضو في الحزب عبّروا عن رغبتهم في الترشح على قوائم الوفد «لكن هذا العدد غير نهائي حيث إن هناك عمليات تقييم لهؤلاء تحدث الآن». ولفتت إلى أن اعضاء الكتلة البرلمانية للوفد والبالغ عددهم 14 نائباً ضمنوا الترشح على قوائم الحزب. وتنظر الأوساط المصرية بترقب إلى «حالة التربص» الموجودة حالياً بين الحزب الوطني وجماعة «الإخوان» وما ستؤول إليه نتائج الصراع الانتخابي بينهما، خصوصاً مع إطلاق السلطة رسائل عدة إلى «الإخوان» كان آخرها تحذيرات وزير الداخلية حبيب العادلي الذي أكد أن إقدام مرشحي الجماعة على أي أفعال مخالفة للقواعد المحددة للدعاية الانتخابية «سيتم الرد عليه بإجراء فوري من جهات التحقيق المعنية». ورد النائب الإخواني حمدي حسن طالب على وزير الداخلية بسؤال برلماني أمس مطالباً اياه ب «عدم الكيل بمكيالين»، متهماً الوزراء والمرشحين التابعين للحزب الوطني باستخدام السيارات التابعة لوزاراتهم والتصرف بإمكاناتها المختلفة وبإقامة سرادقات و «تقديم الرشى الانتخابية من المال العام في محاولة لشراء الأصوات». ولوحظ في هذا الإطار بدء كثير من المرشحين حملاتهم مبكراً في خرق واضح للقواعد المنظمة للعملية الانتخابية. وكان على رأس الخارقين لتلك القواعد عدد من الوزراء الذين ضمنوا الترشح على قوائم الحزب الوطني. وقد بدأ وزراء ومرشحون مؤتمرات وجولات انتخابية في دوائرهم، في حين اكتست الشوارع بلافتات المرشحين. ويحظر قانون الانتخابات المصري أي نشاطات دعائية قبل أن يعلن فتح باب الترشيح المقرر له منتصف الشهر المقبل.