نجحت الديبلوماسية الأردنية والمصرية أمس بإنهاء أزمة اقتصادية بين البلدين كان يمكن أن تتعمق لولا تعهد الجانب المصري بإعادة تدفق الغاز للأردن في مقابل التزام هذه الأخيرة وقف ترحيل آلاف العمال المصريين إلى بلادهم. وأفادت مصادر أردنية ل»الحياة» بأن اتصالات مكثفة جرت بين الرئيس المصري محمد مرسي والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، تضمنت التزام القاهرة بتزويد عمان باحتياطاتها من الغاز وفق عقود سابقة في مقابل التراجع عن قرار أردني بترحيل العمالة المصرية ل»مخالفتها شروط الإقامة». وأكدت المصادر إطلاق سراح آلاف العمال المصريين المخالفين لتلك الشروط وأعادت نحو 1900 منهم للأردن بعد أن رحلوا أخيراً إلى الأراضي المصرية. وشهدت عمان أمس اجتماعات مكثفة بين رئيس الوزراء المصري هشام قنديل، وهو أرفع مسؤول مصري يزور المملكة عقب ثورة 25 يناير، وكبار المسؤولين الأردنيين، على رأسهم نظيره الأردني عبدالله النسور ونائبه وزير الداخلية عوض خليفات، للبحث في المسائل العاقلة بين البلدين. وتوجت اجتماعات الطرفين بمباحثات ختامية جمعت المسؤول قنديل بالعاهل الأردني الذي تسلم رسالة من الرئيس مرسي تضمنت دعوة رسمية لزيارة مصر. وكان ملك الأردن أظهر في وقت سابق عتباً شديداً على الرئيس المصري معتبراً أن «الأردن تضرر كثيراً نتيجة الانقطاع المتكرر للغاز المصري الذي كلف خزينة الدولة نحو 5 بلايين دينار أردني». وبحسب مصادر رسمية موثوق بها، تضمنت المباحثات الأردنية - المصرية مصارحة تقدم بها مسؤولون أردنيون رأوا أن «الخلاف القائم بين البلدين يتجاوز البعد الاقتصادي إلى السياسي، الأمر الذي نفاه قنديل بشدة». وأبدى هؤلاء - وفق المصادر - عتباً شديداً على الرئاسة المصرية ل «قيادتها تحالفاً جديداً يرى فيه الأردن محاولة لاستهدافه، نتيجة الضغوط التي تمارسها بعض دول هذا التحالف على المملكة لدفعها إلى مواجهة عسكرية مع نظام الرئيس بشار الأسد». وقال رئيس الوزراء الأردني عند انتهاء الزيارة إن «الأردن ومصر اتفقا على زيادة كميات الغاز المصدر للمملكة إلى معدلاتها الطبيعية السابقة». وأضاف النسور خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المصري: «اتفقنا على تفعيل الاتفاقيات السابقة وتنفيذها بحذافيرها، ولم نعد بحثها لأنها موجودة وموقعة وملزمة». وأوضح النسور أن «إمدادات الغاز المصري للمملكة بلغت اليوم (الخميس) 250 مليون قدم مكعب فيما كانت أمس وأول أمس ما بين 190 إلى 210 ملايين قدم مكعب». وأكد قنديل أن «قطاع الطاقة المصري يواجه تحديات حقيقية للإيفاء بالاحتياجات الداخلية والتصديرية». وأضاف: «كنا مرتبطين بعقود تصدير مع الأردن وقبل ذلك مع إسبانيا وإسرائيل»، مشيراً إلى «توقيف التصدير بالنسبة لإسرائيل وإسبانيا». وينص العقد المبرم بين البلدين على تزويد المملكة ب250 مليون قدم مكعب يومياً. وكانت كميات الغاز الموردة إلى الأردن شهدت تقلباً وتراجعاً كبيرين في الآونة الأخيرة، بسبب تعرض الأنبوب الذي يزود عمان وتل أبيب بالغاز المصري لتفجيرات متكررة منذ اندلاع الثورة في مصر. وكان وزير الطاقة والثروة المعدنية الأردني علاء البطاينة أكد أخيراً أن «الكميات التي تستلمها المملكة من مصر تقدر ب 40 مليون قدم مكعب يومياً تشكل حوالى 16 بالمئة من إجمالي الكميات المتعاقد عليها». ولا يُخفي سياسيون أن العلاقات الأردنية - المصرية مرت على المستوى السياسي بحال من «الفتور» منذ سقوط نظام حسني مبارك ووصول جماعة «الإخوان المسلمين» إلى الحكم، إذ لم يُسجل حتى الآن أي لقاء يجمع الرئيس المصري بالعاهل الأردني، لتقتصر اللقاءات فقط على رؤساء الحكومات ووزراء الجانبين.