سبحانك ربنا لقد خلقت الموت لتقهر به عبادك، سبحانك ربنا تنل بإرادتك السكينة والطمأنينة على من رزئ بوفاة قريب أو غياب حبيب، نسألك اللهم الثبات في الأمر كله ونستلهم منك وبك الصبر والسلوان. غيب الموت عصر الإثنين الماضي فضيلة الشيخ محمد بن عبدالله السبيل، الرئيس الأسبق للرئاسة العامة لشؤون المشجد الحرام والمسجد النبوي، وإمام وخطيب المسجد الحرام سابقاً، إثر معاناة من المرض ألزمته السرير الأبيض طوال الأشر الستة الماضية، وشيع جثمانه الثرى عصر يوم الثلاثاء في المسجد الحرام بالبلد الأمين. والشيخ السبيل من مواليد مدينة البكيرية عام 1345ه بمنطقة القصيم، وبدأ في طلب العلم منذ الصغر، فأخذ عن الشيخ محمد المقبل، كما أخذ عن أخيه الشيخ عبدالعزيز السبيل، وكذلك عن الشيخ العلامة عبدالله بن حميد، ثم تأهل للتدريس ودرس في المساجد والمدارس ودرس في المعهد العلمي في بريدة عام 1373ه. وفي عام 1385 تم تعيينه إماماً وخطيباً في المسجد الحرام، ورئيساً للإشراف الديني والمدرسين في الحرم المكي الشريف. زامله في الإمامة الرجل الصالح، الشيخ عبدالله الخليفي، وفضيلة الشيخ عبدالله خياط (رحمهم الله) لنحو 45 عاماً، وهذه نعمة من الله تعالى عليهم. وهكذا كان حال الشيخ الزغيبي (رحمه الله تعالى) الذي تولى إمامة المسجد النبوي الشريف لنحو 40 عاماً لم يغب فيها عن المسجد النبوي الشريف سوى ثمانية أيام الحج، ثم جاء بعده فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن صالح (رحمه الله) واستمر في إمامة وخطابة المسجد النبوي نحو 40 عاماً أخرى، وكانوا جميعاً مثالاً في الخلق الكريم والعلم الغزير، وفي عام 1411ه صدر الأمر السامي بتعيين السبيل رئيساً للرئاسة العامة لشؤون الحرمين. والشيخ السبيل عضو سابق في هيئة كبار العلماء وعضو في المجمع الفقهي، وأحد العلماء المفتين في برنامج نور على الدرب في إذاعة القرآن الكريم السعودية سابقا، وتلقى العلم على يديه الكثير من طلاب العلم المدينين له بالفضل. لقد أحبه الناس وأحب الناس لطيب معشره. وقد قام بأكثر من مئة رحلة دعوية خارج المملكة، زار خلالها أكثر من 50 دولة من دول العالم، وله مجموعة مؤلفات من أشهرها: ديوان خطب صدر منه جزآن وتحت الطبع جزآن، ورسالة في حد السرقة، ورسالة بعنوان «الأدلة الشرعية في بيان حق الراعي والرعية»، ورسالة في القاديانية، وديوان شعر، وغيرها من المؤلفات. والشيخ – رحمه الله – له أسهم محمودة في جهود اجتماعية منها دعم الشباب الراغبين في الزواج فجزاه من خير وأنزله منازل الصديقين. وله دروس مفيدة في المسجد الحرام منذ تعيينه، وأبناؤه من حملة العلم منهم الشيخ الدكتور عمر – رحمه الله – والدكتور عبدالرحمن في جامعة أم القبرى، وعبدالملك، كما أن ابنه الدكتور عبدالعزيز، ومستشار وزير التربية والتعليم حالياً، ويوسف من العاملين في خدمة ضيوف الرحمن بكل صدق وغيرهم بارك الله في عقبه ونفع بهم. اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنّا بعده، واغفر لنا وله، واجمعنا معه في جنات النعيم، يا رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.