آخر ما توصل إليه إلباحث اللبناني جان داية بعد عثوره على خمسين نصاً مجهولاً للأديب أمين الريحاني، كتاب ضخم كتبه وأورد فيه 238 نصاً وصفها بأنها مفقودة لمؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي أنطون سعادة. والكتاب الذي يقع في 624 صفحة متوسطة القطع وصدر عن مؤسسة "فجر النهضة" في بيروت، حمل عنواناً مركباً هو "أنطون سعادة... مقالات ضائعة 1937 - 1938... رأي النهضة... 238 نصاً مجهولاً... إعداد وتقديم جان داية". ويتساءل داية في مقدمة الكتاب عن هذه النصوص وبقائها خارج أعمال أنطون سعادة المنشورة: "هل يعقل أن تبقى نصوص لسعادة بهذه الكمية خارج الأجزاء الستة عشر من (الأثار الكاملة) والأجزاء الاثني عشر من (الأعمال الكاملة)؟". ورد على السؤال بقوله: "من حيث الواقع يمكن القول إن كل الأعمال أو الأثار (الكاملة) لأي مبدع في كل الأمم ناقصة. لذلك، جمعت الروائية الدمشقية غادة السمان بين الطرافة والموضوعية حين توجت أغلفة أجزاء نتاجها بعنوان (الأعمال الناقصة)". وأضاف: "ويرتفع منسوب النصوص المجهولة عندما يكون صاحبها غزيراً في نتاجه ويغيب توقيعه عن جزء كبير من مقالاته أو يذيل بعضها بتواقيع مستعارة. وربما يكون سعادة الذي بدأ الكتابة في (الجريدة) وهو في السابعة عشرة وختمها في (الجيل الجديد) وهو في الخامسة والأربعين من أكثر الكتاب... في العالم العربي ليس فقط في نتاجه المتدفق كالسيل، بل أيضاً في ناحيتين إضافيتين... استعماله لعدد غير قليل من الأسماء المستعارة... ونشره لمعظم مقالاته من غير أن يتوجها أو يذيلها بأي توقيع". وأردف: "بالمناسبة فإن الجزء الأكبر من النصوص المعاد نشرها في (الأثار الكاملة) و (الأعمال الكاملة) كان خالياً من أي توقيع حين نشر للمرة الأولى في إحدى الدوريات". وقال داية عما استند إليه في نسبه هذه المقالات إلى سعادة: "ثمة معايير أساسية ثلاثة يمكن الاستناد إليها كي يتم تحديد ملكية سعادة لأي نص لا يحمل توقيعه الصريح. المعيار الأول أن يشير سعادة نفسه في إحدى رسائله أو في أحد خطبه أو مقالاته بأنه كاتب هذه المقالة أو تلك النصوص المنشورة في إحدى الدوريات". وزاد: "المعيار الثاني أن تكون المقالات المنسوبة إلى سعادة منشورة في أحد ركنين أو بابين من أبواب الجريدة التي كان يصدرها الحزب: باب الافتتاحية أو المقال الأول وركن السياسة الخارجية"، متابعاً أن سعادة كان يحرر في صحف الحزب موضوع السياسة الخارجية وأنه كان عملياً رئيس تحرير تلك الصحف، وأنه حرر أيضاً المقال الأول فيها. أما المعيار الثالث، فهو بحسب داية أنه "لا بد أن يحمل مقال سعادة المنشور في حيزي الافتتاحية والسياسة الخارجية بصماته الفكرية" واللغوية والأسلوبية. وتابع أن "المعايير الثلاثة تؤكد منفردة ومجتمعة أن المقالات الضائعة هي لسعادة". أما تأكيد سعادة نفسه بأنه كاتب المقالات المعاد نشرها في الكتاب، فقد ورد مرتين في رسالة منه للأديبة إدفيك جريديني (شيبوب) الرسالة الأولى في تاريخ 2 تشرين الأول (أكتوبر) 1937، والثانية في 24 تشرين الأول 1937. ويقول داية إن كل مقالات سعادة في (السياسة الخارجية) قد أعيد نشرها "في حين أن معظم مقالات (رأي النهضة) غيبت... بحجة أنها ليست لسعادة". وقال الباحث إن ثمة كلاماً بأن سعادة لم يكتب في الموضوع الاقتصادي سوى القليل "ولكن بعض مقالات (رأي النهضة) تنفي صحة المعلومة الشائعة حيث عالج سعادة في قسم منها الناحية النظرية في الاقتصاد وتناول في القسم الباقي المعضلات الاقتصادية" في لبنان وسورية "ورسم لها حلولاً عملية على ضوء فلسفته الاقتصادية".