لا تبدو الخطوة التي أقدمت عليها الصحافية الهولندية من أصول مغربية سميرة الكندوسي، بارتداء الحجاب الإسلامي قبل أربعة أعوام غريبة عن المناخ العام الذي يعيشه مهاجرو أوروبا المسلمون في العقد الأخير. فهؤلاء، أو قسم مهم منهم، وبفعل تغييرات جَمّة تَمر بها البلدان الأصلية التي أتوا منها وأخرى تحيط حياتهم في بلدانهم الجديدة، اتجهوا إلى الدين كطريق فكري وأسلوب حياة. ولعل ما يميز نموذج الصحافية الهولندية عن كثيرات من أقرانها، هو بحثها طوال سنوات ارتدائها الحجاب عن تعريف جديد لدور المرأة المسلمة المحجبة ومكانتها ضمن محيطها المسلم أو الأوروبي الواسع، وأيضاً تحديد مفاهيم للحجاب، وكيف يمكن التوفيق بين الزي الإسلامي والرغبات بالتفرد والبحث عن الجمال، المتأثر بالموضات الغربية. رحلة سميرة الكندوسي للبحث عن إجابات لهذه الأسئلة الحساسة، ستكون موضوع برنامج تلفزيوني تعرضه القناة الهولندية الثانية بعنوان «أحمر شفاه المسلمين»، والذي يبدأ بمشاهد أرشيفية للصحافية قبل ارتدائها الحجاب، عندما كانت تشارك في برامج حوارات تلفزيونية هولندية. تعترف سميرة الكندوسي في بداية الحلقة الأولى بأنها فشلت في هولندا في الوصول إلى إجابات شافية عن علاقة لا تثير الجدل بين الحجاب الإسلامي والحياة المعاصرة في أوروبا، لذلك ستتجه إلى خارج هولندا، وتحديداً صوب العالم الإسلامي، للبحث عن نماذج إسلامية تفاعل فيها اللباس الإسلامي الخاص بالنساء مع الزمن الحالي. لكنها وقبل أن تبدأ رحلتها، ستلفت الانتباه إلى نماذج من المحجبات المسلمات في هولندا، فتلتقي سياسية هولندية من أصول مغربية، شَكت بأنها، وهي المحجبة، ما زالت تتلقى تعليقات تقترب من الإهانات من شباب مسلم في العاصمة الهولندية أمستردام، تخص حجابها الذي لا يعجب بعضهم. واعتبرت أن زي المرأة بالنسبة إلى هؤلاء، يبدو أكثر إلحاحاً من المُعضلات التي يواجهونها كانتشار البطالة والجريمة. فتيات مسلمات أخريات سيكشفن للبرنامج، أنهن يتعرضن إلى مضايقات مستمرة من شباب مسلم في هولندا، بسبب حجابهن، وبأن هذه التعليقات تؤثر كثيراً في نظرتهن إلى العالم من حولهن، لكنهن لا يفكرن بخلع الحجاب أو التخلي عن حريتهن في اللباس، ضمن حدود الحشمة التي يفرضها الحجاب الإسلامي. في المقابل ستلتقي الصحافية، منقبات متشددات بمفاهيمهن للحجاب، من اللواتي فجّرن في السنوات الأخيرة، إحدى القضايا الحساسة في الحياة السياسية والاجتماعية الهولندية. وما إن تصل سميرة الكندوسي إلى مصر، في أولى محطات رحلتها، حتى يتبدى أن النساء المصريات المحجبات، يقدمن التنوع في اللباس الذي يرضي كل المذاهب الدينية. تلتقي المقدمة مع الداعية الإسلامي عمرو خالد المعروف بآرائه العصرية المتعاطفة كثيراً مع النساء. كذلك، تحاور أول عارضة أزياء محجبة في مصر، والأخيرة ستروي أيضاً ما تعرضت له، من مضايقات من رجال دين بسبب مهنتها التي اعتبروا أنها لا تناسب الزي الإسلامي. وستكون إندونيسيا، الدولة الإسلامية الأكبر في العالم بعدد السكان، المحطة الثانية للبرنامج الهولندي. وستتناول حلقته الثانية أول مسابقة لجمال المحجبات في العالم، والتي تتبارى فيها المحجبات، إضافة إلى «الجمال»، بفئات منها: قراءة القرآن الكريم، ومهارات منزلية. تثير المسابقة نقداً كبيراً في البلد الآسيوي، عند بعض رجال الدين وأحزاب إسلامية، لكن هذا لا يُضعف همّة الذين يقفون خلفها بالمضي في تقديمها. تَمر المتنافسات أمام لجنة تحكيم خاصة، في تقليد يشبه مباريات الجمال المعروفة. تنضم الصحافية الهولندية إلى لجنة التحكيم تلك، والتي تختار فتاة للقب أجمل فتاة محجبة في إندونيسيا، ليس فقط لجمالها، ولكن لتعاملها الرحيم مع أطفال أيتام تركوا في رعايتها، وأيضاً لفصاحة نطقها بالعربية وهي تقرأ سورة من القرآن الكريم. وفي كل محطة من محطات البرنامج تحاول سميرة الكندوسي تأكيد جمال الحجاب والعمل على تغيير بعض الأفكار المسبقة عن المحجبات.