ثمة مؤشرات الى قرب انهيار نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وهي تتكاثر منذ تشكيل الائتلاف السوري المعارض وإنشاء مجلس عسكري موحد يحتكم الى الائتلاف. واجتمع حوالى 260 من قادة المجموعات المسلحة السورية في أنطاليا برعاية أميركا وبريطانيا وفرنسا وتركيا والإمارات وقطر، وانتخبوا مجلساً تمثيلياً على رأسه 30 شخصية قيادية. وإذا نجحت هذه القيادة في تحييد القوى الجهادية والمتطرفة عن الساحة، ارتقت الى مرتبة الممثل السوري الرسمي الأبرز أمام الدول الداعمة لها مالياً وسياسياً وعسكرياً. فالدول التي تريد تسليح المعارضة لإنهاك النظام السوري لا ترغب في أن تنتهي الأسلحة الى أيدي تنظيم «القاعدة» وأذرعته في المنطقة، وترمي الى شن عملية عسكرية كبيرة متزامنة التنسيق وحاسمة على دمشق وحلب، وتسليح المعارضة بالأسلحة الثقيلة المضادة للدبابات والطائرات من أجل إنهاء الصراع. وإثر توحيد القوى العسكرية الميدانية – ولو كان رص صفوفها نظرياً – وتوحيد كلمتها السياسية، لن يطول الأمر قبل سقوط الأسد. رحيله مهما كانت أشكاله، ومهما كانت الطريقة سواء جافت الأخلاق أم لا، سيكون من مصلحة الشعب السوري وتركيا. وبقاء الأسد سنة أخرى في دمشق هو صنو مصيبة تنزل بأنقرة ومصالحها، أو هو، على وجه التحديد، مصيبة لحكومة «العدالة والتنمية» وسياساتها إزاء سورية. فكل يوم يبقى فيه الأسد في الحكم تتفاقم مشكلات تركيا بسبب سياسات وزير الخارجية، أحمد داود أوغلو التي جافت الصواب في الأزمة السورية. والمضي قدماً في هذه السياسات الخاطئة من غير الرجوع عنها خطير. ولن تنتهي مشكلات تركيا حتى بعد سقوط الأسد بسبب وضع حكومتها كل البيض في سلة واحدة، هي سلة «الاخوان المسلمين» السوريين. فرهان (رجب طيب) أردوغان وداود أوغلو هو على تولي «الإخوان» حكم سورية، وحسبانهما ان أنقرة ستخرج إذّاك منتصرة انتصاراً حاسماً. لكن تطور الأحداث يشير الى أن تفرّد «إخوان» بحكم سورية في المرحلة المقبلة غير ممكن مع تعاظم مشكلة الأسلحة الكيماوية ونفوذ الأحزاب المتطرفة وتزايد احتمالات التدخل الأممي لحراسة الأسلحة الكيماوية. لذلك، قد تواجه تركيا عدداً من المشكلات بعد سقوط النظام، منها: انزلاق سورية الى فخ الحرب الأهلية والحرب الطائفية. فتركيا ستكون طرفاً في مثل هذه الحرب أو- على أقل تقدير- سيعاديها أحد الاطراف الضالعة في الحرب، والعبء الأخلاقي الثقيل على تركيا بسبب تورطها بتلك الحرب الأهلية من طريق تسليح أحد أطرافها أو تمويله أو دعمه. ومن هذه المشكلات كذلك الأخطار المترتبة على انفجار المشكلة الكردية في سورية وتحولها قضية اقليمية وتشابكها مع الملف الكردي في تركيا، ووضع «حزب العمال الكردستاني» يده على قسم من السلاح المنتشر في سورية، وخطر تعرّض الأقلية التركمانية إلى تطهير عرقي بسبب نزولها على سياسات أنقرة السيئة والخطيرة حيال الأزمة... ناهيك عن خطر تجمع «القاعدة» مجدداً في أراضي الشام وتحولها قاعدة للانطلاق منها. تستعجل تركيا رحيل الأسد، لكنها غير قادرة على أن تقول هل تستطيع التكهّن بوجه مرحلة ما بعد رحيله. * معلّق ومحلّل، عن «ملييت» التركية، 15/12/2012، اعداد يوسف الشريف