كشف خبراء مختصون في هندسة الوقاية من الحريق، عن إجراءات «معقدة» اتخذت خلال مرحلة التصاميم الهندسية لمدينة الملك عبدالله المالية في الرياض، «لضمان تطبيق اشتراطات السلامة التي استمدت من أنظمة دولية متعددة، وروعي في تصاميمها كل التوقعات والسيناريوهات بتفصيلات دقيقة، شملت حتى التوقعات بأعمال إرهابية والكوارث الطبيعية، من أجل حفظ وحماية الأرواح والممتلكات». وشهد المؤتمر الخامس لمهندسي الوقاية من الحريق أمس، عرضاً لتجربة بناء مدينة الملك عبدالله المالية، ك «أحد النماذج التي يجب أن يحتذى بها». وذكر الخبراء أن «أعلى بناء في المدينة هو مركز سوق المال السعودي، الذي حظي بتجهيزات هندسية ووقائية عالية الكفاءة»، لافتين إلى أن «ارتفاعات مباني المدينة المالية تزيد عن 300 متر. وجميعها من المباني الشاهقة وذات التفاصيل المعقدة، ما أدى إلى استدعاء أكبر خبراء التصميم في العالم للعمل على المشروع». إلى ذلك، دافعت مسؤولات السلامة في وزارة التربية والتعليم جئن من الرياض ومكة المكرمة والدمام، عن مستوى السلامة في مدارس البنات في السعودية خلال العامين الماضيين، موضحات ارتفاع مستوى السلامة في عموم مدارس البنات في السعودية بعد تأسيس إدارة السلامة المدرسية التي يتبعها نحو 90 مشرفاً ومشرفة، في 45 منطقة ومحافظة في السعودية. فيما استحضر مشاركون في المؤتمر، الذي يختتم أعماله غداً، كوارث الحريق التي اندلعت في مدارس للبنات خلال الأعوام العشرة الماضية، وشغلت الرأي العام حينها. وقالت المسؤولة في الإدارة المركزية للسلامة المدرسية للبنات آمنة السويدان: «إن أعضاء الإدارة لم يواجهوا مقاومة أو رفضاً من الإدارات الفرعية التابعة لوزارة التربية والتعليم، مثلما تشهده إدارات حديثة النشأة في مجالات أخرى»، لافتة إلى أن المسؤولين في إدارة الوزارة «تعاملوا بتعاون مطلق منذ اليوم الأول لتأسيس الإدارة قبل نحو عاملين ونصف العام». وتشرف السويدان، إلى جانب ست زميلات أخريات تحت إدارة رئيستهن منى باهبري، في الإدارة المركزية للسلامة المدرسية، على جميع مدارس البنات في السعودية، وذكرت إنها وزميلاتها يجبن منذ نحو عامين مدن السعودية وقراها، لتطبيق اشتراطات السلامة. وعزت تعاون الإدارات الفرعية مع إدارة السلامة المدرسية حديثة النشأة إلى «الإدراك التام من جانب منسوبي الوزارة للحاجة الماسة لأنظمة حماية الأرواح والممتلكات والوقاية من الحريق». وأوضحت أن «السنة الأولى في عمر الإدارة مضت في البحث والتحليل بين أنظمة السلامة المتبعة في دول متعددة، منها الأردن، والبحرين، وبريطانيا، وسلطنة عمان، وإمارة دبي»، مضيفة: «إن نظام السلامة في وزارة التربية والتعليم يحاكي في معظمه نظام السلامة في عُمان، كونه الخيار الأفضل في مرحلة تأسيس الإدارة. لتخرج إدارة السلامة بعد مرحلة البحث بصياغة ثلاثة أدلة للسلامة، الأول هو دليل خطط الإخلاء والثاني هو دليل تعليق الدراسة، والثالث هو دليل تجهيزات الأمن والسلامة وجميعها تتطلب قراءة من الممارس في حدود عشرة أيام لفهم ما تحويه». بدورها، قالت مشرفة السلامة أماني الخربوش: «إن المناطق والمدن المميزة في سرعة الاستجابة لتفعيل مفهوم السلامة على مستوى مدارس البنات في السعودية هي: تبوك ورجال ألمع وشقرا ومكة المكرمة والحدود الشمالية»، لافتة إلى أن آخر منطقة استجابت لبعض طلبات الإدارة هي الشرقية. وأشارت إلى أن «المدن الصغيرة أكثر استجابة من المحافظات الكبيرة والمناطق، وأجود في تطبيق أنظمة السلامة»، عازية ذلك إلى «سهولة الإشراف وعدم وجود فرص لتشتت القرارات، أو عرقلة تنفيذ التعليمات»، مشيرة إلى أن مدارس البنات قبل مرحلة تأسيس إدارة السلامة المدرسية كانت تضم «سلسلة من مخالفات اشتراطات السلامة». من جهته، قال نائب رئيس جمعية مهندسي الوقاية من الحريق المهندس محمد السبيعي: «إن جهود وزارة التربية والتعليم في مجال حماية الأرواح والممتلكات والوقاية من الحريق تستحق الدعم والإشادة، وهي في الآن ذاته تحتاج إلى أعوام إضافية لاستكمال متطلبات السلامة والوقاية من الحريق»، معللاً بقوله: «إن تطبيق اشتراطات السلامة يتطلب إعادة تأهيل ومراقبة وإشراف وأعمال تدريب وتثقيف وإجراء فرضيات» وهذه مسألة يصعب إنجازها في غضون أعوام قليلة. كما يصعب إتمامها ما لم تسخّر إمكانات الوزارة المالية والبشرية لدعم مفهوم السلامة. فضلاً عن الحاجة أيضاً إلى التكامل بين الوزارة وبين بقية القطاعات المعنية». وأكد السبيعي أن «السلامة في المدارس تبدأ من تطبيق المفهوم الشامل للجودة في مراحل البناء والتشييد وعدم السماح لدخول مواد غير مطابقة للمواصفات والمقاييس خصوصاً المواد الكهربائية والوسائل التعليمية فضلاً عن وجوب إخضاع المخططات الهندسية للمدارس إلى مهندسين مرخصين لاعتماد المخططات بموجب هندسة الوقاية من الحريق وتكون لديهم القدرة على مراقبة تطبيق كود السلامة». «الدفاع المدني»: العمل ب «لائحة المكاتب الهندسية» .. العام المقبل قال مدير إدارة السلامة المكلف في الدفاع المدني بالمنطقة الشرقية المقدم المهندس حمد عايض: «إن لم تكن المنشأة الكبيرة والمباني الشاهقة قادرة على حماية نفسها، فهناك مشكلة وجميع أجهزة الدفاع المدني في العالم لا تستطيع الوصول مثلاً للمباني العالية»، مؤكداً أهمية صدور «لائحة المكاتب الهندسية، التي تنظم أعمال الإشراف الهندسي على المشاريع في مجال هندسة الوقاية من الحريق»، موضحاً أن التوقعات تشير إلى أنه مع بداية العام المقبل، سيتم العمل بها، ما سيوجد عوامل تحدّ من صور إهمال أنظمة السلامة». وشهد المؤتمر في يومه الثاني حضوراً منوعاً من مسؤولي السلامة والحماية من الحريق في قطاعات حكومية وصناعية، إلى جانب تقديم سلسلة من المعروضات التقنية الحديثة في مجال السلامة، ومنها تقنيات البحث والإنقاذ في حال الانهيارات والكوارث الطبيعية وأجهزة الكشف والتحليل لمخاطر الحريق وكاميرات دقيقة تستخدم في مجالات البحث والإنقاذ.