قبل سنوات، كان من النادر أن تجد ممثلا في موقع المذيع. ومع انتشار البث الفضائي تحول هذا الاستثناء إلى ما يشبه القاعدة، فمن دون عناء في وسع المشاهد أن يعدد، الآن، أسماء ممثلين كثر عملوا، أو يعملون كمقدمي برامج من سمير صبري وأيمن زيدان إلى أشرف عبد الباقي وحسين فهمي وعزت أبو عوف وفرح بسيسو وخالد أبو النجا...وغيرهم. لا شك في أن السبب الرئيس في الاستعانة بهؤلاء هو استغلال «نجوميتهم». لكن النجومية التي تحققت في التمثيل وعبرها، قد لا تتحقق لدى تبادل الأدوار، ذلك أن للتمثيل طرقه وأساليبه وفنونه المختلفة بالضرورة عن تلك التي يجب أن يتحلى بها المذيع ومقدم البرامج التلفزيوني، وقد ينجح بعضهم في أداء الدورين. بيد أن الإصرار على نقل الممثل من موقعه كمجسد للأدوار المختلفة، وحصره في دور المذيع التلفزيوني لا يعطي نتائج مقبولة دائماً. ولعل الحوار الذي أجراه النجم السوري بسام كوسا مع زياد الرحباني، والذي عرض، أخيراً، على الفضائية السورية، يؤكد ان النجم المتألق في المسلسلات قد لا يكون كذلك في إجراء حوار... ثمة ملاحظات كثيرة يمكن إدراجها حول هذه الحلقة الخاصة، بدءاً من الاستوديو المعتم، الكئيب، الذي لم يتناسب مع تجربة زياد الساخرة، الطريفة، بل لم يتناسب مع روح الدعابة، والمشاكسة التي طغت على حديثه، وصولا إلى محاولة جر الضيف إلى حقل السياسة بدلا من التركيز على إسهامه الموسيقي. ما يهمنا هنا هو أداء بسام كوسا الذي بدا متورطاً في موقع لم يختبره أصلا. فهذه هي المرة الأولى التي ظهر فيها كمذيع، ولا نعلم الأسباب التي دفعته لخوض هذه التجربة التي يفترض أن التلفزيون السوري «العريق» يتوافر على مواهب في التقديم تستطيع أن تحاور ضيفاً بقامة زياد الرحباني، بدلا من اللجوء إلى نجومية كوسا. في الإعلان عن البرنامج صُوّر الأمر على انه محاورة بين نجمين، عبر عرض صورتين لهما في المادة الإعلانية، وكتابة اسميهما، مع أن التلفزيون السوري يغفل، لدى الإعلان عن برامج مماثلة، اسم المذيع. لكن ما جرى هو أن زياد كان يتلقى أسئلة متواترة دون انقطاع إلى درجة طالب فيها هو نفسه بفاصل حتى يتسنى له التدخين، وحين انتهى الفاصل سمعنا حواراً تم توليفه على انه نوع من الكاميرا الخفية، فقد ظهر زياد وهو يدخن، بينما يوهمه بسام كوسا بأن التصوير متوقف. وبدا هذا الجزء «مدروساً» بعناية، لدرجة لم يعد يسأل فيها زياد هل بدأ التصوير، أم لا يزال متوقفاً! هذه التجربة العابرة لن تقلل من مكانة بسام كوسا كأحد أبرز وجوه الدراما السورية. لكنها ستظل بمثابة مناسبة للقول إن على النجم الممثل ألا يخضع لمقترحات مسؤولي الفضائيات الذين يسعون إلى استثمار شعبيته وشهرته، خصوصاً ان الفضائيات ذاتها قد كرست ظاهرة جديدة تتمثل في «المذيع النجم» أيضاً، ونستطيع تعداد عشرات الأسماء في هذا السياق، فما ذنب المشاهد السوري، والعربي بصورة عامة، إذا كانت التلفزة السورية قد عجزت عن ذلك، فراحت تتكئ على شهرة فنان لا غبار على موهبته التمثيلية، وإنْ أخفق كمذيع!