في هذا المكان يعيش الذين أخطأوا، فكان خطأ الواحد منهم ب10 أعوام أو ب20 عاماً وربما ب«مؤبد». هنا في إصلاحية الحائر (جنوبالرياض)، لا مكان سوى ل«الندم»، ندم بعضه فوق بعض، والحياة تستمر ناقصة، يسرق منها طعمها «اصطكاك المزالج» و«صلصلة السلاسل» ومحيط من القضبان، والجدران ترزح بثقل الأقفال على صدور «المذنبين». عالمٌ آخر مستقل بذاته، قوانينه لا تشبه قوانين «الحرية»، ف«التطهير من الخطايا» ليس هيناً، ودخول السجن ليس كالخروج منه، فهنا يطبق النظام بصرامة على أولئك الذين استهانوا بالقانون يوماً، و«خرقوه». هنا يتعلم النادمون معنى الحياة في الهواء الطلق مع الناس، ويتعرف غير النادمين على «الندم»، تقدم النفس الدروس لنفسها، لتكون النتيجة صراخ الملامح حسرة أو يأساً، أو مولد نفس جديدة خالية من «الكدر». فتية في مقتبل العمر وآخرون اقتربوا من أرذله، تجمعهم القضبان والأسوار، تجمعهم «الخطيئة» و«الحسرة» والأمل بفرصة ثانية، تجعل اندماجهم في برامج التأهيل المقدمة في إصلاحية «الحائر» أسهل، ليتعلموا هنا ما رغبوا عنه في سنين «الحرية». إنه تعلم «حرفة» يطبب ما في النفس من «حرقة»، واحتراف «مهنة» يخفف من وطأة «محنة»، يحاولون تجاوز سياطها، فيجدّون ليبنوا في وقتهم الضائع مستقبلاً أفضل عندما يخرجون. «الحياة» كانت هناك في إصلاحية «الحائر»، جالت في الممرات، ودخلت العنابر، وتحدثت إلى أكثر من 25 سجيناً، رووا قصصهم معلنين ندمهم، وآخرون بثوا ما في أنفسهم، اعتقاداً منهم بأن «فرصة ثانية» لن تأتي، لهرمٍ أو طول مدة.