بعد الأحداث التي وقعت أثناء مباراة كرة القدم الأخيرة بين ليبيا والجزائر وارتفاع هتافات ضد ثورة الشعب الليبي ومحاولة رفع صورة الطاغية القذافي الذي قتل أبناءنا واغتصب نساءنا وسرق أموالنا هو وأبناؤه وأعوانه، بعد هذا المشهد وجدت نفسي في موقف يتطلب إعادة فتح هذا الملف من المنظور الاجتماعي والسياسي وفقاً للنقاط الآتية: أولا - بالنسبة إلى الجزائر يجب أن نحمل المسؤولية للإدارة الرسمية الجزائرية لأنه لا يمكن أن يؤيد القذافي في الملعب أحد الجزائريين أو المقيمين من دون علمهم ومباركتهم، بل لا أغالي إن قلت تحريضهم. نعم الإدارة الرسمية الجزائرية والمنظمات الجزائرية غير الحكومية والتي لم تشجب هذا الفعل هي مشاركة ومسؤولة عن بث روح الفرقة بين الشعبين. إن الليبيين الموجودين في الجزائر، وأقصد الناس العاديين، هم قلة لو قورنت الأرقام بتونس ومصر وهم أتباع ومرافقو أسرة القذافي الموجودة هناك. ولأن الجزائر لا تمثل منطقة جذب للإقامة فيها من حيث اللغة والحياة الاجتماعية، فإن الليبيين لا يرتاحون اجتماعياً للحياة هناك لأنهم لا يجيدون الفرنسية. لهذا فان الليبيين لا يهاجرون إلى الجزائر، لكن الحقيقة أن مفاتيح السياسة الجزائرية معروفة أين تكون وعلى ليبيا أن تتجه إلى أصحاب المفاتيح لحل المشاكل العالقة بينها وبين الجزائر وعملية إيوائها أسرة القذافي. الأمر الآخر المهم والجدير بالاهتمام هو إعداد ملف متكامل أعتقد أن جزءاً كبيراً من وثائقه موجودة بين مؤسسة النفط والخارجية الليبية ومصلحة المساحة الليبية كي نبدأ في التقدم إلى محكمة لاهاي لنفتح ملف النفط في الحاسي مسعود ونطالب بالتعويض اللازم وحقنا في حفر آبار بترول في حدودنا بجوار منطقة الحاسي مسعود. هذا الموضوع السيادي الوطني الذي حاول القذافي فتحه مرات عدة ثم سكت عنه في مقابل حماية الجزائر له ولنظامه. ثانياً- يجب ألا ننسى أن شمال مالي يشكل خطراً يهدد ليبيا أيضاً فالمجموعات المتشددة هناك بينها عدد كبير من الليبيين الذين كانوا يقاتلون مع كتائب القذافي وهربوا بأسلحتهم الثقيلة والخفيفة إلى شمال مالي وبالتالي إذا ما بدأت الحرب في تلك المنطقة، بحسب ما يجري التخطيط له الآن، فحتماً سيعود البعض منهم للتسرب إلى ليبيا مرة أخرى أو إلى الجزائر وفي كلا الحالتين يتطلب الأمر أن تكون قيادة الجيش الليبي في الصورة منذ البداية وتضع بالتعاون مع الأممالمتحدة ومالي والقوات التي ستتدخل وفقاً للقرار الأممي والأفريقي كل الترتيبات التي تكفل عدم تسرب هؤلاء وعودتهم مرة أخرى إلى ليبيا. ثالثاً - إن الإعلان في كل مرة عن وجود أعداد كبيرة من الليبيين في مصر وتونس وذكر أرقام مبالغ فيها يجب حسمه عن طريق الاتصال بحكومتي هذين البلدين والترتيب معهما لمعرفة أسماء وأعداد الليبيين المقيمين لديهما وليس الزوار الموقتون من أجل تسوية أمورهم والتمهيد لتمكينهم من العودة إلى الوطن، وأقصد الذين لم يرتكبوا جرماً كبيراً مثل القتل أو السرقة أو الاغتصاب. رابعاً - بني وليد مدينة ليبية تعيش فيها قبائل ورفلة التي ساهمت عبر التاريخ في التصدي لكل مغتصب للأراضي الليبية وشاركت في الجهاد، كما أن البعض منهم انتفض ضد القذافي قديماً وشارك في ثورة الشعب في فبراير، وهذه حقيقة تاريخية لا يمكن أن نخفيها أو نتناساها، وفي الوقت نفسه إن العديد منهم كانوا من الموالين لنظام القذافي والأكثر استفادة من الكثير من الليبيين الآخرين وهذه حقيقة أيضاً. والآن القذافي مات ونظامه انتهي وليبيا موجودة ولنا أن نعيش فيها كلنا أخوة متحابين وأن نسعى لحل مشاكلنا بالحوار والإحسان وأن نلجأ إلى سلطة الدولة، نعم الدولة، وأن يعلم الأخوة في بني وليد أن ما حدث لا بد أن يحدث لأن منطقتهم أصبحت بؤرة يتجمع فيها أعوان النظام المستبد وأن العمل على تحرير هذا الجزء من تراب الوطن بالقوة بعد أن فشلت كل المحاولات السلمية كان عملاً لا بد منه وليتم ذلك فلا بد من الاستعانة بالثوار الذين تمت تسميتهم درع ليبيا 1 و2 و3 والخ. وكون جزء كبير منهم من مصراتة هذا لا يعني تحويل المشكلة إلى موضوع بين قبائل مصراته وقبائل ورفلة، ولا ننسى أن أعوان القذافي في بني وليد تعمدوا الانتقام لسيدهم الطاغية بتعذيبهم حتى الموت للشهيد شعبان وغيره من الثوار الذين هم من أصول مصراتية، وتم ذلك في بني وليد. إذاً علينا النظر إلى الموضوع بشمولية وألا نعطي اعتباراً كبيراً لتصرفات عرضية فردية لبعض الأفراد من بني وليد أو مصراتة. خامساً - على الليبيين في مصراتة أن يبادروا إلى التسامح والصفح وإعادة أواصر العلاقات الطيبة مع كل المناطق الليبية وأن يعلموا أن الشجاعة والبطولة التين أظهروهما في حروب التحرير الليبية لا بد لها أن تتجسد بتسامح مع كل القبائل والمناطق الأخرى، وهنا دعوة صادقة لفتح ملف تاورغا وإعادة الأسر من النساء والأطفال وأن يعاد النظر في هذا الموضوع مع الاحتفاظ بحق التقاضي للمطلوبين، ولكن فليعد غير المطلوبين، نعم الآن وقت مصراتة لأن تثبت لليبيين جميعاً بأنهم أشداء في القتال رحماء متسامحين في السلم، وهي دعوة لحكماء مصراتة بأن يبادروا لبني وليد وتاورغا ومن دون وسيط في شكل مباشر ليحسب لهم الأجر ويزداد تقدير الليبيين لهم.