أولت الرئاسة المصرية اهتماماً خاصاً لتأمين إشراف قضائي على الاستفتاء المقرر منتصف الشهر على مشروع الدستور، وبدا أنها تراهن على انقسام الهيئات القضائية بعدما دعا مجلس القضاء الأعلى إلى الإشراف على الاستفتاء متجاهلاً معارضة نادي القضاة. وتتحرك اليوم مسيرات إلى قصر الاتحادية الرئاسي للاعتراض على تمرير الدستور من دون توافق. وأكدت الرئاسة، على لسان نائب الرئيس محمود مكي، أن «لا بديل عن إشراف القضاء على الاستفتاء». وكسبت خطوة في هذه المعركة بدعوة مجلس القضاء الأعلى (هيئة تنفيذية) إلى الإشراف على الاقتراع، لكن نادي القضاة (هيئة نقابية) اعتبر البيانات الصادرة في هذا الشأن «إجرائية وشكلية وإدارية لا تؤخر ولا تقدم». وفي حين لم يشر القرار الجمهوري لدعوة الناخبين إلى الاستفتاء إلى المصريين في الخارج، أعلنت السلطات السبت المقبل موعداً لبدء الاستفتاء في جميع السفارات و11 قنصلية، ما أثار اعتراضات مجموعات مصرية في الخارج بسبب عدم فتح باب التسجيل قبل بدء التصويت، إضافة إلى رفض مجموعات أخرى مشروع الدستور. وجرى سباق بين الرئيس والمعارضة محوره موقف القضاء من الاستفتاء. وسرب أعضاء في النيابة صوراً ضوئية للوائح استبيان عن مواقفهم من المشاركة أو مقاطعة الاستفتاء ظهر فيها أن غالبيتهم مع قرار نادي القضاة بالمقاطعة. وقال الأمين العام لمجلس القضاء الأعلى محمد عيد محجوب، في بيان إن «المجلس قرر الموافقة على ندب القضاة وأعضاء النيابة العامة للإشراف على الاستفتاء». وبعده أصدر المجلس الخاص لمجلس الدولة وهيئة النيابة الإدارية بيانين أعلنا فيهما الموافقة على المشاركة في الإشراف على الاستفتاء. غير أن الأمين العام لنادي القضاة محمود الشريف قلل من هذه المواقف. وقال ل «الحياة» إن «القضاة وأعضاء النيابة لا يستطيعون الإشراف على الانتخابات إلا بقرار من مجلس القضاء لندبهم للقيام بهذه المهمة، وبالتالي فإن بيان مجلس القضاء الأعلى إداري وشكلي، ولن يؤثر على رغبة القضاة إذا ما قرروا المقاطعة». وأشار إلى إعلان تشكيل اللجنة العليا للانتخابات «مسألة روتينية»، موضحاً أن «التشكيل منصوص عليه في الإعلان الدستوري الذي صدر بعد الثورة، لكن هناك قرارات من نادي القضاة بمقاطعة الإشراف على الاستفتاء، وإن انعقدت جمعيات عمومية للمحاكم للبحث في قرار النادي وصدقت عليه فسيكون اشتراك القضاة في اللجنة العليا للانتخابات باطلاً لأن الجمعية العمومية هى التي تفوض رئيس المحكمة». في غضون ذلك، تنظم المعارضة مسيرات إلى قصر الاتحادية الرئاسي تحت شعار «الإنذار الأخير»، احتجاجاً على دعوة الرئيس إلى الاستفتاء على مشروع الدستور رغم عدم التوافق على بنوده. وتنطلق المسيرات من مسجدي النور في العباسية ورابعة العدوية في مدينة نصر ومن ميداني المطرية وسراي القبة القريبين من القصر وأيضاً من جامعة عين شمس، وسط ترقب لرد فعل قوات الأمن تجاه هذه المسيرات بعدما سمحت لحشود من مؤيدي الرئيس بالتظاهر على أسوار القصر قبل نحو 10 أيام وحصار المحكمة الدستورية العليا. وشهد محيط القصر إجراءات أمنية مشددة عشية المسيرات التي يُتوقع أن تكون حاشدة. ووجهت «جبهة الإنقاذ الوطني» التي تقود المعارضة انتقادات لاذعة إلى الرئيس، متهمة إياه ب «الحنث بوعده بألا يطرح الدستور على استفتاء إلا بعد حصول توافق وطني واسع حوله». ووصفت تصرفاته بأنها «غير مسؤولة... تلقى بمزيد من الزيت على نار استقطاب وطني حاد، غير مكترث بدفع أبناء شعبه إلى مواجهة بعضهم بعضاً في سبيل الوصول إلى هدفه، وهو تمكين حزبه وجماعته من السيطرة على مصر دولة ومجتمعاً». وقالت في بيان إن الرئيس «فضل أن يتصرف كعضو فى حزب أو جماعة أو تيار سياسي على أن يتصرف كرئيس منتخب لكل المصريين، منحازاً إلى عشيرته على حساب الغالبية من جماهير الشعب». ورأت أن «الرئيس حكم على نفسه بالتآكل المستمر في رصيده وشعبيته وشرعيته بسبب أفعاله المعادية لشعبه وانحيازه إلى جماعته». وشددت على «رفض الإعلان الدستوري غير الشرعي ومشروع الدستور الباطل الذي سلق وسرق بليل والدعوة الباطلة إلى الاستفتاء عليه»، داعية إلى «إسقاط دستور المرشد إسقاطاً كاملاً... والاحتشاد في مسيرات وتظاهرات غفيرة في ميدان التحرير».