تترقب مصر تفاعلات مهمة اليوم على الصعيدين السياسي والميداني، إذ ستظهر اتجاهات لموقف القضاة من الإشراف على الاستفتاء على الدستور المقرر إجراؤه للمغتربين غداً وفي الداخل السبت المقبل، كما ينظم أنصار الرئيس ومعارضوه تظاهرات حاشدة في ميادين عدة، بدا أن الهدف منها عرض قوة كل فريق قبل الاستفتاء الذي تطالب المعارضة بإرجائه ويصر الرئيس محمد مرسي وحلفاؤه على إجرائه في موعده. وستتحول ميادين القاهرة اليوم إلى ساحات للتظاهر، فقوى المعارضة ممثلة في «جبهة الإنقاذ الوطني» التي يقودها رئيس «حزب الدستور» محمد البرادعي والمرشحان السابقان للرئاسة حمدين صباحي وعمرو موسى ستخرج تظاهراتها من أمام مساجد القاهرة الكبرى ومختلف الميادين الرئيسة قاصدة قصر الاتحادية الرئاسي وميدان التحرير في تظاهرات «ضد الغلاء والاستفتاء». أما قوى الموالاة ممثلة في التيار الإسلامي، خصوصاً جماعة «الإخوان المسلمين» وجماعة «الدعوة السلفية» و «الجماعة الإسلامية»، فتنظم تظاهرات «دعم الشرعية» أمام مسجدي آل رشدان ورابعة العدوية في حي مدينة نصر، وهما مسجدان قريبان من قصر الرئاسة الذي تعتصم أمامه قوى المعارضة على أن يلتقي الحشدان «في موقع واحد يتم تحديده وفقاً لمقتضيات الحال». وظهر أن القوى الداعمة للرئيس تسعى إلى إظهار أن هناك دعماً لقراراته في مواجهة الحراك الشعبي المعارض له الذي تعتمد عليه قيادات «جبهة الإنقاذ»، إضافة إلى تعويلها على إمكان مقاطعة واسعة من جانب القضاة للإشراف على الاستفتاء لدفع السلطة إلى إلغائه، بحسب عضو الجبهة مؤسس «حركة 6 أبريل - الجبهة الديموقراطية» طارق الخولي. وبعدما أعلنت الجبهة رفضها الاستفتاء أو إضفاء أي شرعية عليه، جرت أمس اتصالات بين قيادات فيها ومعارضين من خارجها للاتفاق على موقف موحد منه، خصوصا أن حزب «مصر القوية» الذي يترأسه الإسلامي المعتدل عبدالمنعم أبو الفتوح و «حركة 6 أبريل» أعلنا المشاركة في الاقتراع لرفض مشروع الدستور، ما قد يضعف موقف المعارضة إن لم تتوحد في مواجهة حشد الإسلاميين لتمرير الدستور. وأُفيد بأن الجبهة تنتظر ما سيقرره اجتماع مجلس إدارة «نادي قضاة مصر» مع رؤساء أندية الأقاليم اليوم في شأن موقفهم من الإشراف على الاستفتاء وأيضا اختبار الحشد في تظاهرات اليوم لتحديد موقف نهائي من الاستفتاء. وبدا واضحاً الانقسام في صفوف القضاة، إذ أعلن نادي مجلس قضاة الدولة موافقته الإشراف على الاستفتاء شرط فك حصار الإسلاميين للمحكمة الدستورية العليا وتأمين القضاة أثناء عملية الاقتراع، في حين أصر نادي قضاة الإسكندرية ونادى قضاة بورسعيد والجمعية العمومية لمحاكم شمال القاهرة والجمعية العمومية لمحاكم السويس مقاطعة العملية، علماً بأن مؤتمراً لعدد من القضاة المحسوبين على التيار الإسلامي جرى أمس أعلنوا خلاله مشاركتهم في الإشراف على الاستفتاء وقاطعهم الحضور بهتافات ضد «حكم المرشد». لكن السلطة من جانبها شرعت في إجراءات تنظيم الاستفتاء. وقررت اللجنة القضائية المشرفة على الاستفتاء حظر تصويت الناخبين في غير دوائرهم «ضماناً لنزاهة وشفافية الاستفتاء، وتأكيداً على ألا يحدث تلاعب في العملية». وفي مسعى منها لتأمين نسب مشاركة واسعة، قررت الحكومة منح يوم السبت أجازة لموظفيها، كما قررت اللجنة القضائية توقيع عقوبة مالية قيمتها 500 جنيه (أقل من مئة دولار) على من يتخلف عن الإدلاء بصوته، وهو قرار روتيني عادة ما يتم إعلانه من دون تطبيقه لكنه يترك أثراً لدى البسطاء خصوصاً في الريف الذين يؤثرون الاقتراع خشية توقيع الغرامة. واستدعى الرئيس قوات الجيش مجدداً لتأمين عملية الاقتراع وأصدر قراراً بإشراك القوات المسلحة في إجراءات حفظ الأمن وحماية المنشآت الحيوية حتى إعلان نتيجة الاستفتاء بالتنسيق مع قوات الشرطة، مع منح ضباط الجيش سلطة توقيف المدنيين، وهو ما رفضته قوى معارضة بينها حزب «مصر القوية» بقيادة ابو الفتوح. وبدت الأوضاع هادئة في محيط القصر الرئاسي بعدما توارى القصر خلف الجدران الخرسانية التي سدت شارع الميرغني في الاتجاهين، كما عكفت قوات الحرس الجمهوري أمس على نصب جدران حديد في هذه الشوارع الجانبية تحول دون وصول أعداد كبيرة إلى القصر، كما منعت نصب خيام جديدة على رصيفه أو في حديقته الخارجية، لكن مصادر في «جبهة الإنقاذ» وقوى ثورية أكدت عزمها توجيه الحشود في محيط القصر رغم الاجراءات المحيطة به مع التعهد بالاحتجاج السلمي من دون أي مظاهر للعنف.