تعرض البرلمان الأردني الى انتقادات واسعة خلال اليومين الماضيين، بسبب ما اعتبره معارضون سعياً من المشرعين الى تعزيز «مكتسبات شخصية»، بعد إقرارهم قانوناً مثيراً للجدل يمنحهم امتيازات مالية جديدة. وأقرت غالبية أعضاء البرلمان بغرفتيه، الأعيان والنواب، تعديل قانون التقاعد المدني بما يمنحهم رواتب تقاعدية مدى الحياة، بعد أن عُدّل هذا القانون مرات خلال الأعوام الماضية، ورفضه الملك عبد الله الثاني، على وقع التظاهرات التي اجتاحت الشارع الأردني قبل ثلاث سنوات للمطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد. وكان 195 من أصل 225 صوتوا خلال جلسة مشتركة لصالح أن يكتسب الوزير وعضو البرلمان حق التقاعد إذا بلغت خدماته في الدولة سبع سنوات، على أن يحسب الراتب التقاعدي على أساس الراتب الأساسي للوزير، والبالغ نحو 5 آلاف دولار. ويسري هذا التعديل على كل عضو في البرلمان من أيار (مايو) عام 2010، ليشمل نواباً وأعياناً سابقين. وأنهى التعديل الجديد خلافاً امتد طويلاً بين غرفتي التشريع، بانتظار أن يعلن الملك موقفه من هذا الإجراء، بعد أن رفض الموافقة على تعديلات أجراها النواب في هذا الخصوص عام 2012، على وقع الاحتجاجات التي وصلت حد المطالبة بحلِّ البرلمان. وتجددت المطالبات بحل البرلمان، وظهرت بشكل واضح على مواقع التواصل الاجتماعي والفضاء الالكتروني، إذ اعتبر العديد من الناشطين أن أعضاء البرلمان لا يمثلون الشارع وأوجاعه. ونشر بعض الناشطين صوراً لنواب نائمين خلال الجلسات الرسمية، وكتبوا عليها: «راتب تقاعدي 3000 دينار لمن ينام». واعتبر خبراء بالقانون أن حرص أعضاء البرلمان على امتيازاتهم يفقدهم الدور التشريعي والرقابي، اضافة الى أن إقرارهم التشريع الجديد يتناقض ومبادئ أساسية في الدستور. وقال نقيب المحامين السابق صالح العرموطي إنه «يتوجب الطعن بدستورية إقرار النواب رواتب تقاعدية لهم ضمن قانون التقاعد». واعتبر أن «لا شرعية لوجود قانون يشرع للنائب حق الحصول على راتب تقاعدي، خصوصا أنه ليس موظفاً لينطبق عليه ما ينطبق على الموظف العام». في السياق ذاته، عبرت نقابة المعلمين الأردنيين، كبرى النقابات العاملة في البلاد، عن خيبة أملها من قرار البرلمان، بعد أن مارست ضغوطاً سابقة لتحصيل حقوق مالية للمعلمين من دون جدوى، اذ تذرعت الحكومة وقتها بعجز الموازنة العامة. وفي بلد ترتفع فيه المديونية إلى نحو 30 بليون دولار، ويقع نصف شعبه ضمن شرائح الفقر، تساءلت المعارضة في بيانات عدة عن صمت السلطات حيال التعديل المذكور. وكان لافتاً أن التعديل الذي سيكبد خزينة الدولة أموالاً طائلة، تزامن مع تأكيدات لصندوق النقد الدولي قبل يومين بأن المملكة تمر بظروف اقتصادية عصيبة نتيجة الأوضاع في المنطقة، خصوصا ما يجري في العراق وسورية وانقطاع الغاز المصري، والتي أدت بمجملها إلى ضغط هائل على موازنة الدولة.