شن وزير الخارجية الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان هجوماً عنيفاً يكاد يكون غير مسبوق في حدته على دول الاتحاد الأوروبي غداة اتخاذ وزراء خارجيتها قراراً بتوجيه تحذير شديد اللهجة إلى إسرائيل من مغبة تنفيذ مشروع البناء الاستيطاني في مستوطنة «معاليه أدوميم» الذي يبتر القدس عن الضفة الغربية ويحول دون تواصل جغرافي بين أجزاء الدولة الفلسطينية العتيدة. وساوى ليبرمان بين سياسة دول الاتحاد الأوروبي تجاه إسرائيل في الملف الفلسطيني وسلوك أوروبا تجاه اليهود خلال الحكم النازي. وكان وزراء خارجية الاتحاد هددوا إسرائيل بالاقتصاص منها في حال نفذت المشروع الاستيطاني المذكور، وهو ما لم يرق لإسرائيل التي أصدرت وزارة خارجيتها بياناً ندد ببيان وزراء خارجية الاتحاد لتقول إن الاستيطان ليس عقبة في طريق السلام، إنما رفض الفلسطينيين العودة إلى المفاوضات المباشرة ورفضهم الاعتراف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي. وذكرت صحيفة «يديعوت احرونوت» أن البيان الصادر جاء بصيغة أقل حدة من المسوّدة الأولى بفعل ضغوطات مارستها إسرائيل على أصدقائها في أوروبا، لكن مع ذلك لم يعجبها النص النهائي. واعتبرت الخارجية الإسرائيلية أن قرار وزراء خارجية الاتحاد هو «مكافأة للرفض الفلسطيني». وقال ليبرمان في حديث للإذاعة العامة أمس، إنه ليس مرتاحاً لموقف أوروبا «التي تتجاهل للمرة الثانية في التاريخ الحديث دعوات للقضاء على دولة إسرائيل... مرة أخرى تصمت أوروبا، وقرارها الأخير لم يتضمن تنديداً بتصريحات قادة حركة «حماس» إنما دعوتهم فقط للامتناع عن تصريحات تحريضية، ونحن خبرنا مثل هذا الأمر في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي». ولفت مراقبون إلى أنه خلافاً لادعاء ليبرمان، فإن بيان وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبية تضمن أيضاً تنديداً بتصريحات قادة «حماس»، وإن البيان أكد أن تصريحات قادة الحركة التي تضمنت عدم اعتراف الحركة بحق إسرائيل في الوجود «ليست مقبولة». ورداً على سؤال محاوره في ما إذا كان يتهم دول الاتحاد بمعاداة الساميّة، قال ليبرمان إن الدافع الأوروبي ليس معاداة السامية إنما مصلحة ضيقة، «والاتحاد ألأوروبي يضحّي بكل القيم من أجل مصالحه... وآنذاك أيضاً مطلع أربعينيات القرن الماضي، علم الأوروبيون بما يحصل في معسكرات الإبادة النازية، وماذا يحصل لليهود، ولم يحركوا ساكناً... واليوم يعترفون بأنهم في ثلاثينيات القرن الماضي منعوا اليهود من الهجرة إلى أرض إسرائيل». واستغل ليبرمان المنصة ليواصل هجومه على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، «أبو مازن»، الذي يتعرض منذ أيام إلى تحريض من سائر سدنة الحكومة الإسرائيلية، ورأى أن «أبو مازن أيّد دعوة (رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد) مشعل للقضاء على إسرائيل»، من خلال إرسال وفد كبير من حركة «فتح» من رام الله ليشارك في مهرجان استقبال مشعل في غزة، «وأعلام فتح رفرفت هناك، وأبو مازن يؤيد ما قيل». وكان ليبرمان أصدر تعليماته إلى موظفي وزارته بشن حملة ديبلوماسية في أرجاء العالم للنيل من عباس من خلال نشر إعلانات تجارية ضخمة باسم إسرائيل في عشر صحف مركزية في أنحاء أوروبا تتضمن صورة لعباس وهو يعانق مشعل، وذلك بهدف عرضهما على أنهما شريكان ورافضان للسلام مع إسرائيل. وذكرت تقارير صحافية انه تم تعديل الفكرة بعد ملاحظات قدمها موظفون جاء فيها أن النشر المغرض على عباس في إعلانات تجارية يمس بصدقية الرسالة التي تريد إسرائيل إيصالها، فضلاً عن الكلفة الباهظة (نحو نصف مليون يورو)، وعليه تقرر نشر الإعلان في خمس صحف على أن تكون ممهورة بتوقيع منظمات يهودية أوروبية. وتطرق ليبرمان في المقابلة الإذاعية إلى تعرض جنود الاحتلال في مدينة الخليل المحتلة إلى الرشق بالحجارة الأسبوع الماضي، وقال إنه «لم يكن ينبغي على الجنود الهرب إنما قتل الشرطي الفلسطيني الذي ضرب بقبضته أحد الجنود». وقال: «لا يعقل وضع يتلقى فيه جندي إسرائيل لكمة من شرطي فلسطيني ويبقى الشرطي الفلسطيني على قيد الحياة... هذا ليس مقبولاً علي ولا يمكن أن نسلّم بوضع يتلقى فيه جنود إسرائيليون الضربات أو اللكمات من فلسطينيين ويبقى الأخيرون على قيد الحياة... الصور أثبتت أن حياة جنودنا كانت معرّضة للخطر».