أوضح اقتصاديون سعوديون أن أزمة بطاقات الائتمان التي بدأت في أميركا، ومنها انتقلت إلى دول العالم الأخرى، وصلت إلى المصارف المحلية السعودية، مشيرين إلى أنها بدأت تتأثر بالأزمة، وإن كان تأثيرها محدوداً. وبيّنوا في تصريحات إلى «الحياة» أن البنوك المحلية فرضت فائدة عالية على بطاقات الائتمان وصلت الى 24 في المئة، وطالبوا مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) بوضع ضوابط صارمة لتقنين إصدار البطاقات. ووفقاً لأرقام الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية (سمة)، فإن عدد بطاقات الائتمان في السعودية يتجاوز 2.8 مليون بطاقة، وتوضح الدراسات أن السوق المحلية لا تزال في بداياتها في إصدار البطاقات الائتمانية. ويبلغ إجمالي قروض الأفراد في المملكة بما فيها بطاقات الائتمان وقروض شركات التقسيط، أكثر من 257 بليون ريال، تشكل نحو 16 في المئة من الناتج المحلي. وقال أستاذ المحاسبة ونظم المعلومات في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور عبدالله الحربي ان هناك مشكلة في ثقافة المجتمع بشأن سوء استخدام بطاقات الائتمان، إذ يحاول الكثير من الأشخاص الحصول على هذه البطاقات من دون معرفة مخاطرها والفائدة المترتبة على استخدامها، إذ يضطر الكثيرون إلى استنفاد الحد الائتماني الأعلى وهو ما يدفعهم إلى الحصول على قروض شخصية من البنوك لسداد قيمة البطاقة وإضافة فوائد أخرى على الفرد. وكشف ان بنوكاً سعودية تحايلت على شرط مؤسسة النقد السعودي تجاه تمويل القروض الشخصية، الذي ينص على ألا تقل نسبة الفائدة على 1.5 في المئة من قيمة التمويل الشخصي، بينما لم تحدد السقف الأعلى للفائدة المفروضة على القرض، الذي دفع البنوك لوضع فائدة عالية جداً تصل أحياناً إلى 7 في المئة، من دون أن تتحرك مؤسسة النقد. وطالب الحربي بأن تكون هناك بنوك تنافسية استثمارية خاصة غير حكومية، لتقدم عروضاً تمويلية مميزة وبنسبة فائدة قليلة جداً، تتيح لجميع المواطنين الحصول على هذه القروض بفوائد أقل من الموجودة حالياً. وأشار إلى أن بعض البنوك والصناديق مثل بنك التسليف والادخار وصندوق التنمية العقاري تواجه مشكلة التمويل، إذ منحت قروضاً بأكثر من رأسمالها، إلى أن تدخلت الحكومة ورفعت رأس المال. وطالب الحربي مؤسسة النقد السعودي بالتدخل لتحديد السقف الأعلى للفائدة، وتقنين الشروط المفروضة على التمويل الشخصي وبطاقات الائتمان، ومعالجة الأخطاء وفرض عقوبات وغرامات صارمة على البنوك المخالفة، حتى لا تتفاقم المشكلة وتصل إلى العجز عن السداد وبالتالي شح السيولة لدى البنوك. وبين أن الأزمة المالية العالمية طاولت سوق الائتمان بشكل مباشر، وكذلك الشركات والمصانع، والتسريع بانتهاء الأزمة يعتمد على سرعة العلاج الذي يرتبط بشكل مباشر بخطة الإنقاذ الأميركية، التي حصلت الحكومة الأميركية بمقتضاها على مبلغ 750 بليون دولار من أموال دافعي الضرائب، إذ يرجح أن تجمد المشكلة أو أن تساعد في حلها في الفترة المقبلة. من جهته، أوضح الرئيس التنفيذي لشركة أرباح المالية سعد القحطاني أن الأزمة العالمية أثرت في سوق الائتمان بالمملكة، وأرجع السبب في ذلك إلى قلة وعي الفرد باستخدام البطاقات الائتمانية، مشيراً إلى أن آثار «الأزمة» بدأت تطفو على السطح داخل المملكة. وتحدث عن وجود نقص في ثقافة الفرد تجاه البطاقات الإئتمانية، التي بدأت تتحول إلى كابوس مزعج للأفراد، مشيراً إلى أن كثيراً من السعوديين لا يعرفون نسبة الفائدة المفروضة على البطاقة، وأن الكثير منهم يمتلك نحو 5 بطاقات في محفظته، مبيناً أنها تعتبر لديهم ملجأ لتوفير السيولة المطلوبة في أي وقت. غير أن القحطاني استدرك بالقول ان الفترة الأخيرة بدأت تشهد نمواً في وعي الأفراد تجاه التعامل مع بطاقات الائتمان، وبدأ البعض يحذر من الحصول عليها. وأشار إلى أن البنوك المحلية فرضت نسبة فائدة على البطاقات الائتمانية وصلت الى 24 في المئة، مبيناً أن جميع البنوك المحلية هي أداة تسويقية تروج لبضاعتها بالشكل التي تراه ملائماً ويخدم مصالحها. وطالب القحطاني «ساما» بوضع ضوابط وشروط صارمة لتقنين إصدار البطاقات، وأن تعمل على إيجاد قاعدة بيانات أساسية تربط جميع البنوك، حتى يتمكن البنك من الرجوع إليها وعدم صرف أية بطاقة لأي عميل إذا كان يملك أكثر من بطاقتين. وأكد ضرورة توعية الأفراد من خطر استخدام البطاقات، وعلى ضرورة أن يتجه الفرد للاستثمار الطويل والمساهمة في توفير المناخ الاقتصادي الجيد، وان تسهم جميع المؤسسات الاقتصادية بالدولة في تثقيف المواطن تجاه سياسة الادخار والتوفير.