ما الذي تحصل عليه من وزارة التجارة في مقابل الرسوم التي تدفعها لإصدار سجل تجاري؟ ولماذا تجبرك على الاشتراك في غرفة تجارية لا تفعل لك شيئاً، بحيث لا تستطيع إصدار سجل أو تجديده إلا بعد الاشتراك «القسري» في الغرفة التي ربما تبدأ نشاطك وتنهيه من دون أن تحتاج إلى تصديق منها؟ بالمثل ما الذي تقدمه لك البلدية في مقابل الرسوم التي تأخذها على رخصتك، وعلى لوحتك الدعائية، وعلى كل سنتيمتر تخالف به نظامها في البناء والديكور؟ تبدو قصة الأنشطة التجارية والخدمية مثيرة للشفقة، فأنت يمكنك أن تفتح محلاً كبيراً وتعمل بملايين الريالات برخصة بلدية، ولا يمكنك ممارسة بعض الأنشطة إلا بسجل تجاري أو رخص متخصصة حتى لو كانت ثقافية أو صغيرة جداً. هذه القصة يجب أن تحل، على رغم أن الجهتين ومعهما وزارة العمل لا تود ذلك، كون الجهات الثلاث أصبحت من مراكز الربحية الكبيرة، رسوم بالملايين من دون مقابل حقيقي يقدم لدافعي الضرائب التي لبست ثوب الرسوم. السجل التجاري يدخلك دائرة رسمية حقيقية، تربطك بمصلحة الزكاة والدخل، والتأمينات الاجتماعية، ومكتب العمل، والرخصة البلدية لا تفعل، فيمكن أن يكون هناك متجران متجاوران أحدهما يدفع كل شيء، والآخر لا يدفع سوى الرسوم البلدية، على رغم أن قصة جباية الزكاة أيضاً مثيرة للتساؤل، فالمصلحة ترسل أفراداً يجوبون الصحارى والأودية لأخذ زكاة الأنعام من الرعاة ومربي الماشية، ولا تتجول في شارع تجاري مليء بعروض التجارة وبالملايين لتفعل المثل. يجب أن يعاد النظر في آلية الترخيص للأنشطة الاقتصادية، وأن تتوحد الجهات، وتتقلص الرسوم، وأن يقل مستوى الاستقلال بين الجهات التي يعمل كل منها وفقاً لنظامه، نظامه الذي إما يكون قديماً، وإما تم وضعه من دون النظر للأنظمة الأخرى في الجهات الأخرى. إذا كنا نريد وضوحاً في الأداء، وإنجازاً في السعودة، وفي تحصيل الزكاة، وفي تحصيل الرسوم، يجب أن تكون لدينا أنظمة واحدة موحدة، وأن ننظر بعين الاقتصاد الحر، فإذا تم أخذ رسوم معينة، يجب أن يقابلها شيء تقدمه الجهات لدافعها، ويجب أن تبنى عليها حقوق له تعادل الواجبات التي كتبت خلف رخصة أو سجل أو اشتراك في غرفة تجارية أو في نظام زكاة أو تأمينات اجتماعية، هكذا تصبح المعادلة اقتصادية حقيقية، وهكذا يمكن فرض الأنظمة على جميع الناس، من دون اللجوء إلى صفحات الصحف ومحطات التلفزيون للدفاع عن كل قرار أو توجّه جديد. إن عدم ترابط أنظمة هذه الجهات هو الذي يوجد الثغرات، ويشجّع على المخالفات، ويجعل كثيراً من المبادرات باهتة. [email protected]