أعلنت موسكو أنها ستحظر دخول شخصيات أميركية إلى روسيا، ولوحت بإجراءات أخرى قد تتخذها، رداً على تبني قانون في مجلس الشيوخ وصفه الروس بأنه «غير مسؤول ولا منطقي»، يفرض عقوبات على شخصيات بارزة في روسيا بتهمة ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان. ولم يطل الرد الذي توعدت به روسيا طويلاً على إقرار قانون مثير للجدل في مجلس الشيوخ الأميركي تضمن فرض عقوبات ضد حوالى 65 مسؤولاً روسياً بينهم موظفون في النيابة العامة وأجهزة التحقيق ووزارة الداخلية ومصلحة السجون وعدد من السياسيين. وأقر مجلس الشيوخ الخميس القانون الذي حمل اسم المحامي الروسي سيرغي ماغنيتسكي الذي مات عام 2009 في سجن روسي بعد مرور شهور على اعتقاله بتهم فساد مالي وتهرب ضريبي. وقالت منظمات حقوقية إن الرجل تعرض للتعذيب ولم يحصل على مساعدة طبية لازمة لإنقاذ حياته بعد تدهور وضعه الصحي. واعتبرت الولاياتالمتحدة الحادث مدخلاً لتصعيد لهجتها تجاه «انتهاكات حقوق الإنسان في روسيا». وأعلنت مصادر أميركية أن «لائحة ماغنيتسكي» التي تحولت إلى قانون ملزم ينتظر أن يوقعه الرئيس باراك أوباما قبل نهاية العام، سيتم توسيعها في وقت لاحق وكلما دعت الحاجة، بضم أسماء مسؤولين روس آخرين يثبت تورطهم في قضايا مماثلة. وتشتمل العقوبات بحسب القانون الجديد على منع سفر الشخصيات الواردة أسماؤها إلى الولاياتالمتحدة وحجز أموالها وممتلكاتها، بين تدابير أخرى تصل إلى ملاحقتها في بلدان ثالثة. وأثار التطور غضب موسكو التي سارعت فور المصادقة على القانون إلى إعلان نيتها اتخاذ خطوات مماثلة ضد مسؤولين أميركيين. ونص بيان أصدرته الخارجية الروسية على أن موسكو تحمّل واشنطن مسؤولية توجيه ضربة إلى علاقات البلدين بسبب إقرار قانون «غير مسؤول بحجج مفتعلة». وأعربت الخارجية عن استغرابها ل «توجيه انتقادات بشأن حقوق الإنسان من جانب بلد سمح رسمياً، في القرن ال 21، باستخدام وسائل التعذيب في السجون وباختطاف أشخاص في مناطق مختلفة من العالم». وأشارت إلى أن مواطنين روساً «راحوا ضحايا لهذه الأعمال غير القانونية». وعلى رغم أن موسكو لفتت إلى أنها لا تسعى إلى «التخلي عن الإيجابيات في العلاقات الثنائية» مع الولاياتالمتحدة، لكنها أكدت أنها مضطرة للرد على إقرار ذلك القانون». وقال وزير الخارجية سيرغي لافروف إن السلطات الروسية «ستحظر دخول منتهكي حقوق الإنسان في الولاياتالمتحدة إلى الأراضي الروسية»، ولوح بإجراءات عقابية أخرى ضد شخصيات لها سجل في مجال انتهاكات حقوق الإنسان. ورجح خبراء روس أن تصدر موسكو لائحة مماثلة ل «لائحة ماغنيتسكي» الأميركية تضم أسماء شخصيات أمنية وعسكرية أميركية منحت ضوءاً أخضر لممارسة وسائل التعذيب في السجون التي أنشئت خارج الأراضي الأميركية وبينها غوانتانامو. وكان السجال بشأن القانون الأميركي الجديد تصاعد بقوة خلال الشهور الأخيرة، وسعت واشنطن إلى التقليل من آثاره المحتملة عبر دمجه مع قانون يلغي قيوداً سابقة كانت مفروضة على التجارة بين البلدين، لكن الخطوة لم تخفف من رد الفعل الروسي. إذ نص القانون على إلغاء تعديل قانوني سابق كان أقر في العام 1974 وحمل تسمية تعديل «جاكسون - فينيك» وهو يفرض قيوداً على التجارة والاستثمار مع روسيا، علماً أن القانون أقر في حينه بهدف إجبار الاتحاد السوفياتي على فتح مجالات الهجرة أمام اليهود إلى إسرائيل، وظل ساري المفعول على رغم أن أبواب الهجرة شرعت في منتصف ثمانينات القرن الماضي، وأيضاً بعد انهيار الدولة السوفياتية. وكان مطلب إلغاء التعديل دائم الحضور في المحادثات الروسية - الأميركية على مدى العقدين الماضيين، لكن طريقة إلغائه وإبداله بقانون «لائحة ماغنيتسكي» أثار خيبة أمل عميقة عند الروس. وقال رئيس الوزراء الروسي ديميتري مدفيديف أن روسيا «مع ترحيبها بإلغاء التعديل السابق، فإنها تستهجن ربط الإلغاء بتبني القانون الجديد». وتوعد بأن الرد الروسي سيكون «مناسباً وقوياً».