حين يثور الكردي ... يقضم رؤوس أنامله متغطرساً يلوي رقبة جدِه المنكسرة ينثر الغبار في دفتر مطبخه ويعانق أحلام فرسانٍ تواروا عن سجل الأبطال عنوة يسلك الكردي من الطرقات أوعرها يرمي بحباله شواطئ مهجورة ويصطاد تابوت عشيقته رامياً بخطته الهجومية في خرج أرملة طافت الرجال والأوكار كرمى لأبناء لم يطلقوا صرخة الولادة لم يهجروا عنق الزجاجة وعلى وقع الحديد والنار يتذكر مقتل غيفارا تاركاً لنائحة مترملة جديلة مقصوصة وبضعة قروش في سترة ملطخة للكردي حبل بقامة التاريخ بطول الزمن المتلاشي يشد به جبل أحلامه إلى بؤر التناسل يحفر في مقعده ثقوب الإنجاب بماركات مسجلة بتواريخ محددة وبأرقام متسلسلة من حبر قدمته الآلهة لثورة قد تنجب صفعة وزعيقاً يقرأ تاريخه من سفح صنم جرفه الجليد يقرأه بسواطير كنست دماءً من عتبة لالش وبيادر حمرين نقشت مراراً صفحات مخملية على صدور أطفال أنجبهم العقم من أخاديد الجبال متأملاً غده وفي غد غده خناجر تجز رقاب المخالفين على بساط كان بالأمس لحاف استغاثاته مؤشر دقات قلبه وجوارب ساقيه المتورمتين حين يثور الكردي ... ينهض الغول من سباته راكعا أمام زلات السيف وحد الكلمات متوسلاً الصياد أن يدع طريدته فوق نعش وهبه البرق لكردي في ظهر كردي يعانق مرتعشاً أضرحة قابيل وهابيل رقصاً على سمفونية قروية تبكي أبناً ودع أخاه على طريقة الخوارج وسنة أسماك البحار فتجهش التماسيح في البكاء ليت الكردي يمسح الجرح من دفتر مذكراته ليت الكردي يستعيد ذاكرته ليت الكردي يقرأ التاريخ في جرف الوديان هناك حملته الشمس إلى قارعة الخطيئة وهنا حمل الشمس إلى بوابة الجحيم ثم يقف مدهوشاً متسائلاً للحلم فرخت الصيصان بيوض التنين في حريتي بات الحجل في عش الدبابير وانتحر في زفير الحالمين للكردي جعبة بلا طلقة طلقة بلا بارود بارود بلا صوت صوت بلا صدى وعيون بلا خارطة ارتكاز هكذا يحيى الكردي وقد يموت قرباناً لميلاد لما يلده شمعة في شتاء قارس أيقظ في دمعته الظلام وفي بواديه نباح كلاب خرجت للتو من مسالخ الجبناء فالجبن عدو الكردي مذ عرف الطواغيت والكردي عدو نفسه مذ نطقت الطاولة له في عين الزمن ثأر بلا حدود تدفعه الرياح صوب السراب تنتشله الزوبعة من صحن الأسلاف حارساً، فارساً، متمرداً يغرز مسلته في عين الطاووس ويسكن الموت في قبر خراسان * العنوان مقتبس من قصيدة للشاعر الفلسطيني محمود درويش