أعلن القيادي في إمارة الساحل ل «القاعدة» الجزائري مختار بلمختار، المكنّى «خالد أبو العباس» والمعروف بلقبه «الأعور»، تأسيس كتيبة جديدة تحمل اسم «الموقعون بالدماء»، متوعداً كل من يشارك أو يخطط للحرب في شمال مالي. ووضع بلمختار، قائد كتيبة «الملثمين» سابقاً، حداً لتخمينات توقعت نهاية علاقته ب «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» إثر قرار عزله من قيادة الكتيبة بأمر من أمير التنظيم «أبو مصعب عبدالودود»، ما يعني أن الخلاف بينهما وصل نقطة اللارجوع والذي تعود جذوره لقضية الزعامة منذ مقتل نبيل صحراوي آخر أمراء «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» التي تحوّلت إلى فرع «القاعدة» المغاربي عام 2007. وظهر بلمختار للمرة الأولى في تاريخ نشاطه المسلح في تسجيل مصور معلناً تأسيس كتيبة «الموقعون بالدماء» التي تنشط في شمال مالي. وقال إنهم يتوعدون «كل من شارك وخطط للعدوان على حق شعوبنا المسلحة في تحكيم الشريعة الإسلامية»، مضيفاً «سنرد وبكل قوة وستكون لنا كلمتنا معكم، ووعد منا سننازلكم في عقر دياركم وستذوقون حر الجراح في دياركم وسنتعرض لمصالحكم». ووجّه مختار بلمختار دعوة إلى العلماء وطلاب العلم وأبناء الدعوة الإسلامية في موريتانيا حضّهم فيها على «الهجرة لنصرة إخوانهم المسلمين في أزواد»، مشيراً إلى أنهم «يدركون حجم المعاناة والجهل وقلة العلم المنتشرة في هذه الأرض، وكان الأولى أن تكونوا سباقين بالوقوف في نصرة هذا المشروع الإسلامي بحكم القرابة والجوار وقد سبقكم البعيد»، وفق تعبيره. والتسجيل جاء تحت عنوان «شريعتنا.. وفاء وثبات حتى النصر»، وظهر فيه «خالد أبو العباس» وهو يحمل بندقية وبجواره علم أسود فيه عبارة «لا إله إلا الله محمد رسول الله». وعُرّف في الشريط بأنه «أمير كتيبة الملثمون». ويظهر التسجيل إصابة «بلمختار» في عينه اليسرى وهو سر كنيته ب «بلعور» (الأعور). وظل الغموض يلف علاقة هذا القيادي بتنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي»، منذ أن أعلن «أبو مصعب عبدالودود» تعيين يحيى أبو الهمام على رأس منطقة الساحل، خلفاً لنبيل أبو علقمة الذي قتل في حادث سير. وظل بلمختار يترقب توليته زعامة إمارة الصحراء منذ مقتل أمير الجماعة السلفية نبيل صحراوي في صيف 2005، لكن أبو مصعب عبدالودود الذي حل محل صحراوي فرض يحيى جوادي قائداً على كتائب الساحل، ثم عيّن أبو الهمام في هذا المنصب متحدياً الأعور الذي يعتبر أن «القيادة الشرعية» للتنظيم موجودة في المنطقة الصحراوية. وتقول شهادات إن «القيادي المعزول» (بلمختار) أرسل بعد ذلك رسالة إلى أمير التنظيم عبدالودود يبلغه فيها بأنه لم يعد هناك ما يربطه ب «القاعدة»، حيث شرع في تأسيس إمارة جديدة في منطقة غاو في شمال مالي، ثم عمد إلى تشكيل مجلس للشورى بالتنسيق مع «حركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا». ويُعتقد أن الإمارة الجديدة في غاو أصبحت تشكل نقطة تمركز لعدد من الزعامات المنشقة عن تنظيم القاعدة، على غرار مختار بلمختار أمير الإمارة الجديدة، وأبو الوليد الصحراوي وحمادة ولد محمد الخيري. كما يُعتقد أن مسارعة زعيم فرع «القاعدة» ببلاد المغرب الإسلامي عبدالمالك دروكدال (أبو مصعب عبدالودود) إلى مبايعة يحيى أبو الهمام على رأس إمارة الصحراء، هدفها قطع الطريق أمام طموح بلمختار الذي كان مرشحاً قوياً لخلافة صحراوي في صيف عام 2005 قبل أن يتولاها دروكدال الذي يتخذ من مناطق القبائل شرق العاصمة الجزائرية مقراً له، في حين يعيش بلمختار في الصحراء منذ سنوات طويلة.