على رغم توافر وسائل «حديثة» للتدفئة، إلا أن الكثيرين لا يشعرون بالدفء إلا إذا تحلقوا حول النار المشتعلة بالحطب، وبخاصة إذا كان هذا الحطب مأخوذاً من أشجار السمر، والطلح، والأثل، والسدر. ومع دخول موسم «المربعانية» اليوم الجمعة، وترقب دخول فصل الشتاء خلال أيام قليلة، شهدت أسواق الحطب «انتعاشاً كبيراً»، إذ تعتبر هذه الأيام تحديداً «ذروة الموسم». ولا يبدي الباعة في سوق الحطب الواقع غرب مدينة الدمام، وغالبيتهم من العمال الأجانب، والآسيويين تحديداً، إضافة إلى بعض الأفارقة، اهتماماً كبيراً بالتحذيرات التي أطلقتها الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، من خطورة «التحطيب الجائر»، وآثاره على البيئة، وبخاصة في ظل «هشاشة الوضع البيئي في المناطق الصحراوية». ويعزو البائع البنغالي منيب الرحمن، الذي كان يعرض حمولة شاحنة صغيرة من الحطب، عدم الاكتراث بالتحذيرات، إلى العوائد المالية «الكبيرة» التي يجنيها الباعة خلال هذين الشهرين، لافتاً إلى زيادة الإقبال على شراء الحطب بمختلف أنواعه، مع دخول موسم الشتاء، ويستمر إلى أواخر شهر كانون الثاني (يناير) المقبل. وذكر أن غالبية المشترين، هم ممن يملكون بيوت شعر وخيام في منازلهم، وآخرون يقتنون الحطب للرحلات البرية، إذ يستخدم للتدفئة والطبخ. وأدى هذا الإقبال المتزايد على شراء الحطب إلى ارتفاع سعره بنسبة تتراوح بين 25 إلى 30 في المئة، عما كان عليه في السنوات الماضية، وبخاصة في ظل الإقبال والطلب المتزايدين عليه. ويفضل الكثير من المواطنين والمقيمين، استخدام الحطب للتدفئة في الاستراحات والرحلات البرية خلال هذه الأيام، والتمتع بهذه الأجواء وسط الأهل والأصدقاء. ومن بين عشرات الشاحنات المتكدسة، يصطف إسلام سعيد (سوداني) بشاحنته التي يتكوم فيها الحطب، الذي بدأ جمعه منذ نحو شهر. ويقول: «أنا لا أمارس التحطيب، ولكنني اشتريه من رعاة المواشي السودانيين، المنتشرين في المناطق القريبة من الدمام وصولاً إلى النعيرية، وأجمعه في حوش فارغ ضمن السكن، لأعرضه خلال هذه الأيام». ويقرّ أن مبيعاته في اليوم الواحد هذه الأيام، «تصل إلى 5 آلاف ريال. ولكنها لا تقل عن 1500 ريال. وأحصل على صافي مكسب يقدر بنحو 60 في المئة» بحسب قوله. وأوضح البائع محمد عبدالله، أن سعر بيع الحطب «شهد مع بدء دخول فصل الشتاء ارتفاعاً في الأسعار، فاق سعره في الأيام الماضية»، مردفاً أن «سعر حمولة سيارة النقل الصغيرة والمتوسطة، يتراوح بين 600 إلى 800 ريال، وذلك بحسب نوعية الحطب، وجودته، والتي تتدرج من السمر، إلى الطلح، فالسدر، ثم الإثل». وقال المشتري محمد الدرويش، الذي اعتاد المجيء إلى السوق: «اشتري الحطب، لاستخدامه في فصل الشتاء، كوسيلة تدفئة من البرد، وكذلك الطبخ وإعداد المشروبات الساخنة، وبخاصة في الرحلات البرية، التي تكون عادة بشكل يومي، مع الزملاء والأصدقاء، في المخيمات، أو الاستراحات والنزل الريفية»، لافتاً إلى ارتفاع سعر الحطب في ظل «الطلب المتزايد عليه» بحسب قوله، مشيراً إلى أن بعض أصدقائه «يقتنون كميات من الحطب، تكفيهم طوال فصل الشتاء، قبل حلوله، مستغلين كون الأسعار منخفضة حينها». وذكر المتسوق وليد خليفة، أن سوق الحطب «يعج بأنواع الحطب، مثل: السمر، والطلح، والأثل، والسدر»، إلا أنه يفضّل السدر، كونه «يستمر فترة طويلة بعد اشتعاله، إضافة إلى رائحته التي لا تسبب أي إزعاج». وأضاف أن «الكثيرين يستخدمون الحطب لطبخ وجبة «المندي» في التنور، وإضافة نكهات مميزة للطعام بمختلف أنواعه»، مردفاً أنه «لا يمكن مقارنة طعم الشاي المخدر المُعد على الحطب، بذاك المطبوخ على الغاز».