قرارات سلطوية وغير قانونية من الرئيس، الشباب والقوى المدنية في ميدان التحرير، النظام يتأخر في الاستجابة حيناً ويتكبر عن الاستجابة أحايين أخرى، المظاهرات ليست تجمعات نخبة غير جماهيرية في العاصمة فقط، فقد امتدت خارج القاهرة إلى الإسكندرية والسويس وغيرهما، ينزل أنصار الرئيس مظاهرة مؤيدة، تتغير مواقع مظاهرة أنصار الرئيس أو تؤجل حقناً للدماء، المنصات في الميدان والخطب في الأحزاب المعارضة تتكرر، بل ومقار الحزب الحاكم تحرق، ولكن لا شيء يتغير! ماذا تغيّر في مصر بين 25 كانون الثاني (يناير) 2011، وبين المظاهرات التي أعقبت الإعلان غير الدستوري في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي؟ معظم من كانوا في الشارع في يناير نزلوا أخيراً، المتغيّر في المشهد بشكل رئيس هو الغائب الأكبر بل الغائب الرئيس، ألا وهو الجيش المصري، الجيش حُيّد من قبل بقرار من الرئيس مرسي، الذي قام فيه بسحب الإعلان الدستوري المكمل والأخير من المجلس العسكري برئاسة المشير طنطاوي آنذاك، عقب حادثة قتل الجنود المصريين على الحدود مع إسرائيل في شهر رمضان الماضي. وإذا عدنا لتاريخ مصر منذ 1952 وخلال 60 عاماً، سنجد أن أي تغيير أو أي وأد لتغيير لم يتم من دون الجيش، بدءاً من ثورة 52 التي أسقطت الملكية وأتت بحكم الضباط الأحرار، مروراً بالتظاهرات التي شهدها عصر السادات في 1977 بسبب غلاء المعيشة، ولم يستطع تحجيمها من دون تدخل الجيش، وكذلك فعل مبارك في 1986 في القضاء على تمرد الأمن المركزي، بل يتبين الآن على بعد عامين من المشهد أن الجيش لو اصطف مع مبارك في 25 يناير، لما أصبحت نتائج ثورة مصر كما آلت إليه. خلال الأشهر القليلة التي أعقبت وصول الرئيس مرسي للحكم، صدرت ثلاثة انتهاكات لسلطة القضاء، عبر قرارات الرئيس، فقد سحب الإعلان المكمل للمجلس العسكري، وبالتالي سحب من المجلس العسكري السلطة التشريعية، ودعا لانعقاد البرلمان المنحل، ولكن رئيس المجلس الكتاتني لم يستطع إلا أن يعقد جلسة واحدة، يخاطب فيها المحكمة لنقض قرار حل البرلمان، وهذا ما لم يكن، ثم عاد وأقال النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود، عبر تعيينه سفيراً لمصر لدى الفاتيكان في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بقرار ليس من صلاحيات الرئيس، وحين انتفض القضاء عاد مرسي عن قراره، ولكن القيادي في جماعة الإخوان الدكتور محمد البلتاجي صرح تصريحاً خطيرا قائلاً: «على النائب العام أن يقبل منصب السفير بكرامة ويفكر جيداً، لأن الخيارات الأخرى صعبة». ويبدو أن عزل النائب العام مجدداً من دون أي منصب بديل كما جاء في الإعلان غير الدستوري، إضافة إلى تحصين مجلس الشورى واللجنة التأسيسية لتشكيل الدستور، وجعل قرارات الرئيس محصنة عن أي طعن، وإن كانت القرارات الصادمة دائماً تأتي بمُحَليات، من باب إعادة محاكمة الشهداء أو خلافه، تأكيد للتفرد في السلطة، وبالتالي يحقق أرضية أكبر للحنق من النظام الجديد، ولكن التغيير سيكون مرهوناً بالفريق السياسي وقيادات الجيش الجديدة، وهل ستتحرك على الأرض في صف المواطن، أم أن ميدان التحرير سيقمع أو يُتجاهل، ويكون مؤشراً على أن حكم الجيش ل60 عاماً مضت بلا عودة. * كاتب سعودي [email protected] @aAltrairi