دق مؤتمر الأممالمتحدة للتغير المناخي ناقوس الخطر وأطلق تحذيرات قوية، عبر أحدث تقرير أصدره «البنك الدولي» أمس وتوقع فيه حدوث كوارث طبيعية في المنطقة العربية خلال السنوات المقبلة سببها فيضانات وسيول. وحذر البنك في التقرير الذي حمل عنوان «التكيّف مع مناخ متغير في العالم العربي»، من ارتفاع متوقع في درجات الحرارة ومستوى البحار في المنطقة، مشيراً إلى أن «الأثر المرتقب لتغيّر المناخ سيكون حاداً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خصوصاً، ما يقتضي تحركاً فورياً لتجنب عواقب محتملة ناجمة عن تفاقم ندرة المياه وتفاقم مشاكل الأمن الغذائي». وواصلت الدوحة مبادراتها في المؤتمر إذ وقع رئيس البحوث والتطوير في «مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع» فيصل السويدي ورئيس معهد «بوتسدام» هانس جوشيم شلينبر، مذكرة تفاهم للتعاون في مجال أبحاث المناخ وعقد منتدى سنوي في الدوحة، وحضر التوقيع رئيسة «مؤسسة قطر» الشيخة موزا بنت ناصر والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ورئيس مؤتمر المناخ عبد الله بن حمد العطية. وأعلنت نائب رئيس البنك الدولي لشؤون التنمية المستدامة راشيل كايت أن «أوجه الضعف في مواجهة تغير المناخ تستلزم تضافر الجهود على مستويات عدة، والقيادة السياسية الآن ستكون حيوية في تحويل تغير المناخ أولوية وطنية وإقليمية». وأشار مدير التنمية المستدامة لمنطقة الشرق الأوسط في البنك جنيد أحمد إلى أن «التوقعات تشير إلى أن ارتفاع درجة الحرارة في المنطقة قد يبلغ 3 درجات مئوية، تزيد خلال الليل، كما سيتأثر المغرب بموجات جفاف وارتفاع في درجات الحرارة، وستواجه بعض مناطق اليمن جفافاً بينما ستشهد مناطق أخرى فيضانات، وقد تغرق جدة مرتين بالسيول»، بحلول عام 2050. ولفت أحمد إلى أن «منسوب البحر في الإسكندرية في هذا التاريخ سيرتفع إلى نصف متر ويؤدي إلى غرق نصف المدينة وتشريد 1.5 مليون شخص وستبلغ الخسائر 32 بليون دولار. وتُظهر تحليلات البنك أن مدناً عدة في منطقة الخليج ستتأثر بانعكاسات التغير المناخي، إذ ستشهد جدة سيولاً وقد تغرق مدن أخرى بسبب هطول أمطار مفاجئة»، موضحين أن التحليلات استندت إلى الإسكندريةوجدة والرياض. وشدّدا على أن «تحديات هائلة تواجه اليمن وتونس، إذ سيخسر المزارعون في تونس ملايين الدولارات في السنوات المقبلة، وقد يتأثر قطاع السياحة العربي في شكل كبير». وأظهر التقرير أن «الأخطار المناخية الجديدة ستبرز بوتيرة أسرع»، محذراً من أن الجهود التي بذلت خلال العقود الماضية للحد من الفقر قد تتلاشى. وفي نداء لافت حذر وزير البيئة اليمني عبدالسلام رزاز من «كارثة قد تقع في حال لم نواجه مشكلة التغير المناخي عبر برنامج سريع، كما أن المياه في اليمن شحيحة في شكل مخيف وهناك زحف صحراوي والغطاء النباتي يتقلص». وأوضح التقرير أن 50 مليون شخص «تأثروا خلال السنوات ال30 الماضية بالكوارث الناجمة عن تغير المناخ في العالم العربي، وتكبدت المنطقة خسائر مباشرة بلغت 21 بليون دولار، بينما بلغت الخسائر غير المباشرة أضعاف ذلك». ورأت نائب رئيس البنك الدولي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا إنغر أندرسن أن «تغير المناخ مسألة حقيقية في المنطقة، فهي تؤثر في الجميع لاسيما الفقراء الذين هم أقل قدرة على التكيف مع التغيرات». ودعا التقرير إلى إدراج التكيف مع تغير المناخ في كل السياسات والإجراءات الوطنية للتيقن من مرونتها إزاء تغير المناخ، محذراً من أن «المناخ الأشد حدة يهدد موارد العيش في المنطقة وقد يؤثر سلباً في عائدات السياحة والزراعة التي تبلغ 50 بليون دولار سنوياً، ويضع سكان الريف الذين يشكلون نحو نصف سكان المنطقة تحت ضغوط متزايدة». وزير البترول السعودي ودعا وزير البترول والثروة المعدنية السعودي علي بن إبراهيم النعيمي في كلمة خلال المؤتمر الدول المشاركة إلى اغتنام الفرصة الفريدة لتعزيز تنفيذ الاتفاق الإطاري لتغير المناخ وبروتوكوله، ووضع الحجر الأساس لمستقبل أفضل لمواجهة تغير المناخ بعد عام 2020، مع الأخذ في الاعتبار مبدأ المسؤولية المشتركة المتباينة. وقال «المسؤولية تقع على الجميع في مواجهة تحديات التغير المناخي، وعلى الدول المتقدمة أخذ دور الريادة في هذا المجال انطلاقاً من إمكاناتها ومسؤوليتها التاريخية»، موضحاً أن المملكة، وبهدف مواجهة هذا التحدي من دون الإضرار بمستوى النمو المستدام، تؤمن بأن التقنيةَ المتطورةَ ستوفر الكثير من الحلول لهذه التحديات، كما فعلت وتفعل بالنسبة للبشرية على مر التاريخ، لكن ذلك يتطلب مزيداً من الابتكار والتعاون والاستثمارات. وأضاف: نحن نسعى إلى تنويع اقتصادنا بعيداً من الاعتماد على النفط والغاز، كما نشجع الاستثمارات الكبيرة لتطويرِ البنية التحتية لرفع قدرة الاقتصاد المحلي على التعامل مع الآثار السلبية المحتملة لبعض قرارات التغير المناخي»، مؤكداً أن «هذا التوجه سيشجع على زيادة الاستثمار في تقنيات الطاقة الشمسية وتقنيات احتجاز الكربون وتخزينه واستخدامه بدلاً من الطاقة التقليدية.