تقفل اليوم المدارس والجامعات والدوائر الرسمية وغير الرسمية، والمعامل والورش الصناعية في طهران، لليوم الثاني على التوالي، بعدما أمرت السلطات الإيرانية بذلك، بسبب ارتفاع شدة تلوث الهواء، وتجاوزه الحدود الطبيعية. وأعلنت الأجهزة المختصة حال إنذار عام في طهران، ودعت المواطنين إلى الامتناع عن الخروج من منازلهم، إلا للحالات الطارئة، كما حضت المصابين بأمراض الربو والقلب والمسنّين، على عدم الخروج إطلاقاً من بيوتهم، خشية تأثرهم بتلوث الهواء، فيما انتشرت سيارات إسعاف وفرق طوارئ طبية في الساحات العامة، لإنقاذ المصابين من حالات اختناق. وليست المرة الأولى التي تشهد طهران هذه الظاهرة، لكن المواطنين يحملون مسؤولية ذلك على الأجهزة الحكومية التي تتعامل مع الظاهرة في شكل آني، يقتصر على تعطيل العمل في العاصمة ليوم أو اثنين، من دون اتخاذ تدابير كفيلة بعدم تكرار ذلك، والذي يؤثر في حياة المواطنين. وقال الدكتور رسول علي اشرفي بور، المدير العام لدائرة البيئة في محافظة طهران، إن مؤشرات التلوث تجاوزت حدها الطبيعي، إذ دخلت مرحلة إنذار عام، لافتاً إلى أن معدل نسبة الذرات المعلقة في الهواء تجاوز حاجز 2.5 ميكرون، ما يؤشر إلى دخوله مرحلة الخطر. وحذر الدكتور حسين باكدامن، رئيس جمعية اختصاصيي أمراض الأعصاب، من تعرّض المواطنين إلى تأثيرات تلوث الهواء، بسبب زيادة مادة مونوكسيد الكربون في الجو، والذي يؤثر في فاعلية عمل الجهاز العصبي لدى الإنسان. وقد تبقى تلك المادة في الجهاز العصبي، إذا تعرض الإنسان في شكل مستمر إلى هذا التلوث. وتعتقد مصادر في طهران بأن 80 في المئة من التلوث سببه عناصر متحركة، مثل السيارات والدراجات النارية، فيما تشكل النسبة الباقية، المعامل وورش العمل التي لا تتبع القواعد العلمية في معالجة الدخان المتصاعد. وتفيد معلومات بأن البنزين المنتج في ايران لا يملك المواصفات الأساسية، ما يجعله لا يحترق بالكامل، خصوصاً أن ثمة في طهران 2.5 مليون سيارة، إضافة إلى نحو مليوني دراجة نارية. وأعلنت دائرة المرور أنها أوقفت 7 آلاف سيارة ودراجة نارية خلال أيام، بسبب أعطال في محركاتها، ومساهمتها في تلوث الهواء في البلاد، والذي أفادت معلومات بأنه يسبّب خسائر مادية لإيران تتجاوز 8 بلايين دولار سنوياً. واعتادت طهران على هذه الأجواء الملوثة، في نهاية فصل الخريف من كل سنة، لكن التدابير الحكومية اقتصرت على بعض الإجراءات الآنية، من دون التفكير في حل جدي للمشكلة، ما دفع موقع «فردو» الإلكتروني إلى التساؤل عن «مدى أهمية حياة الإنسان في ايران، في ضوء 3 أزمات حقيقية تعاني منها: تلوث الهواء، وحوادث الطرق، وفقدان أدوية الأمراض المزمنة والخطرة». وسأل الموقع: «هل أن حل هذه الأزمات هو من أولويات برامج الحكومة، وما هي البرامج التي قدمتها لمعالجة الأزمات المتصلة بحياة المواطنين؟».