تسارعت أمس الاتصالات بين بيروت ودمشق لجلاء مصير عدد من الشبان من طرابلس والشمال الذين تداعوا، بعضهم يحمل السلاح والآخر أعزل، لنصرة المعارضة في سورية ضد نظام الرئيس بشار الأسد، خصوصاً أن أحداً من الأجهزة الأمنية الرسمية لا يملك أرقاماً دقيقة، لا عن عددهم ولا عن كيفية وقوعهم في مكمن نصبته لهم مجموعة من الجيش السوري لدى عبورهم الحدود اللبنانية في منطقة عكار إلى الداخل السوري في ريف محافظة حمص، على رغم أن بعض المواقع الإخبارية الإلكترونية كانت نقلت عن التلفزيون السوري الرسمي أنهم وقعوا في كمين وأن بعضهم قتل والآخر أسر. وعلمت «الحياة» أن تضارب المعلومات حول مصير هؤلاء الشبان أحدث بلبلة، خصوصاً في عدد من أحياء طرابلس التي يقيم فيها ذووهم، ما استدعى تشديد وحدات من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي إجراءاتها، لا سيما في المنطقة الساخنة بين باب التبانة وجبل محسن لقطع الطريق على حدوث رد فعل طائفي يدفع نحو إغراق الشمال في فتنة مذهبية بين السنّة والعلويين. وبحسب المعلومات، فإن الأجهزة الأمنية تدقق في ما يشاع في الشمال عن أن باصاً أقل الشبان من عكار إلى الأراضي السورية وأن سائقه تركه وفر منه ما سمح لمجموعات من الجيش السوري بتوجيه نيران أسلحتها الرشاشة مستهدفة القسم الأكبر منهم. وفي هذا السياق، قالت مصادر أمنية إن هناك من نجح في خرق هذه المجموعة قبل أن تستقل الباص الذي تولى نقلها الى ريف حمص على مقربة من الحدود اللبنانية في عكار وسارع فور التأكد من اجتيازها للحدود الدولية بين البلدين إلى إبلاغ الاستخبارات السورية بأمرها. وأكدت المصادر أن أعمار الشبان المفقودين تتراوح بين 18 سنة و24 سنة، وأن معظمهم ينتمون إلى مجموعات سلفية، وأنهم تنادوا إلى مناصرة المعارضة السورية ضد النظام وقرروا التوجه معاً إلى الداخل السوري. وأضافت أن هذه المجموعات، ليست منظمة أمنياً وإلا لما توجهت في باص واحد بدلاً من أن يتوزع أفرادها على مجموعات ويكلفوا بعضهم للقيام بمهمة استطلاع المنطقة التي سيدخلون منها. لكن مصادر سياسية لم تستبعد دخول طرف ثالث على الخط وتواصله مع الاستخبارات السورية التي نصبت المكمن لهم. وقالت إن هدفه تسعير الفتنة بين السنّة والعلويين التي لن تقتصر على عودة القتال بين باب التبانة وجبل محسن وإنما ستؤدي ببعض الفئات المتحمسة إلى تنظيم عمليات خطف للعلويين على الهوية لاستحضار رد فعل مماثل من الأخيرين. وكشفت المصادر أن رئيسي الجمهورية ميشال سليمان والحكومة نجيب ميقاتي يتابعان الجهود الرامية إلى جلاء مصير هؤلاء الشبان، وأن قيادة الجيش تجري اتصالات من خلال اللجنة العسكرية اللبنانية - السورية، إضافة إلى اتصالات يتولاها أمين عام المجلس الأعلى اللبناني السوري نصري خوري. وأبدت المصادر عدم ارتياحها إلى لجوء بعض وسائل الإعلام إلى رفع مستوى الاستنفار لدى ذوي الشبان من خلال ترويج إشاعة من هنا وأخرى من هناك بدلاً من أن تسعى للتهدئة والتحفظ عن استخدام أي معلومة غير مؤكدة لئلا تزيد من الاحتقان الطائفي والمذهبي. وفيما تضاربت المعلومات حول أعداد القتلى، عرض التلفزيون السوري صوراً لشبان مقتولين وأوراق ثبوتية لبنانية، معلناً أن أفراد المجموعة قتلوا جميعهم. في وقت واصل أهالي الشبان الاعتصام في خيمة نصبوها قرب مسجد النور في منطقة المنكوبين في شمال لبنان، وتقبلوا التعازي بمن تأكد خبر وفاته من الشبان، بانتظار المعلومات عن من قيل انهم مفقودون أو معتقلون لدى القوات السورية. وحملوا الحكومة اللبنانية مسؤولية جلاء مصير الشبان وإعادتهم أو جثثهم إلى لبنان. وأكد عدد من الأهالي أمس أن الكمين الذي نصب للشبان لم يكن داخل الأراضي السورية، إنما داخل الحدود اللبنانية.