يقبع مواطنو البيرو من أصول أفريقية في أدنى السلم الاجتماعي في البلاد، إذ لا تخصص لهم سوى المهن والوظائف الدنيا في مجتمع ما زال يعاني رواسب العنصرية. في الأحياء الراقية من العاصمة ليما، تعد ألوان بشرة هؤلاء المواطنين ذوي الأصول الأفريقية علامة على أنهم يعملون في خدمة العائلات الثرية، من سائقي سيارات إلى عاملات في المنازل. وفي المطاعم الفاخرة، تعمل النساء السمر نادلات، وهن يرتدين أزياء تقليدية. ويقول اليخاندرو كانو، مدير مؤسسة لدفن الموتى: «بعض زبائننا يطلبون على وجه الخصوص أن يكون حملة النعش من السود، فهذا الأمر في رأيهم يعطي هيبة للجنازة». وترى السلطات في البيرو أن هذه الأمور تدل على «مظاهر واضحة للعنصرية والتمييز العرقي وانتهاك حقوق الإنسان». وأطلقت السلطات قبل سنتين حملة لم تكلل بالنجاح في أوساط شركات دفن الموتى دعت إلى تغيير الصورة النمطية الشائعة عن الرجل الأسود على أنه حامل توابيت الموتى. لكن الشركات تؤكد أنها لا تفعل ذلك سوى استجابة لطلب الزبائن. وترى روسيو مونوز، الخبيرة في الشؤون البيرو-أفريقية والباحثة في وزارة الثقافة، أن «هذه المظاهر الاجتماعية التي تعتبر أن بعض الأعمال حكر على ذوي الأصول الأفريقية تعود إلى مرحلة العبودية والاستعمار». وتقول: «على رغم أننا نعيش في مجتمع ديموقراطي، فإن هذه الأنماط لم تختلف». ووصل أجداد مواطني البيرو ذوي الأصول الأفريقية إلى البلد عبيداً محمولين على ظهر سفن ألقت بهم في المناجم والمزارع الخاضعة آنذاك للاستعمار الإسباني. ولم يكن من السهل انخراطهم مع المجتمعات الأصلية في البيرو، إذ كان يُنظر إليهم على أنهم جزء من الحركة الاستعمارية للبلاد. وهم يشكلون الآن نسبة تتراوح بين 3 و7 في المئة من إجمالي السكان البالغ ثلاثين مليوناً، في مقابل 47 في المئة من البيروفيين، و37 في المئة من الخلاسيين. ولا وجود يذكر لهؤلاء في مجالات الأعمال والسياسة والصحافة والديبلوماسية، مع أنهم حاضرون بقوة في مجال الموسيقى وفي كرة القدم، إذ يشكل اللاعبون السود ثلث إجمالي محترفي كرة القدم في البيرو. وتوضح مونوز أن أكثر من ثلث هؤلاء فقراء، «ولا إمكان لهم للحصول على عمل يتيح لهم الخروج من دائرة الفقر التي تحصر مجالات عملهم في وظائف ومهن محددة». ووفقاً للباحثة، فإن 6 في المئة من ذوي الأصول الأفريقية يدخلون إلى الجامعات، ولكن 2 في المئة منهم فقط ينهون دراساتهم. وتعتزم السلطات تطوير إجراءات لمصلحة ذوي الأصول الأفريقية، مثل اعتماد سياسات عامة لمكافحة التمييز وإنشاء بيانات غير متوافرة حتى الآن عن هؤلاء في مجال الصحة والتعليم والوظائف. في عام 2009 كانت البيرو سباقة بين دول أميركا اللاتينية في الاعتذار من الأشخاص الذين تعرض أسلافهم الأفارقة لقرون من الاستغلال والتمييز، وأقرت السلطات رسمياً بأن التمييز العنصري ما زال يشكل عقبة أمام تقدم هؤلاء اجتماعياً ومهنياً. وفي عام 2011، تعهد الرئيس اولانتا هومالا بتطبيق سياسة «الاندماج الاجتماعي للكل»، وعين للمرة الأولى وزيرة سوداء للثقافة هي المغنية سوزانا باكا.