شن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي امس هجوماً عنيفاً على خصومه السياسيين، وتوعد الساعين إلى حجب الثقة عنه «بإجراءات غير مسبوقة»، واتهم الأكراد بمخالفة الدستور، وقال إن «النواب الذين يطالبون بحقوق المعتقلين هم مطلوبون للقضاء بتهم إرهابية». ودعا إلى رفع الحصانة عنهم. إلى ذلك، علمت «الحياة» أن اتصالات تجري بين رئيس الجمهورية جلال طالباني ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني وزعيم ائتلاف «العراقية» أياد علاوي لعقد اجتماع موسع في أربيل بحضور زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للبحث في الأزمة السياسية. وقال المالكي خلال مؤتمر صحافي عقده امس، إن «تجديد الدعوات إلى حجب الثقة عني ستقابل بإجراءات لم يسبق أن اتخذتها من قبل»، وأضاف أن «أصحاب هذا المشروع عندما طرحوه سابقاً لم يحققوا شيئاً، ووقتها كانوا أقوى من الآن». واتهم إقليم كردستان بعرقلة الاتفاق على حل الأزمة في المناطق المتنازع عليها، وبتجاوز الدستور، وقال:»لم يعد هناك شيء اسمه دستور في الإقليم وحتى حدود الإقليم توسعت خلافاً لما حددته سلطة الائتلاف والدستور». وتساْل: «من أعطى إجازة إلى الإقليم للتوسع إلى مناطق متنازع عليها، أي سلطة أعطت حق التمدد وأي سلطة تعطي صلاحيات للإقليم بالتجاوز على هذه المناطق». وتابع المالكي: «انا غير متفائل بالنتائج، بسبب سياسة التصعيد التي يتم التعامل بها، لا أريد أن يتفجر هذا الصراع لأنه سيكون مؤلماً ويتفجر بصورة واسعة ويكون قومياً وإقليمياً». وأعلن صدور مذكرات لاعتقال «الذين أثاروا قضية تعذيب النساء في السجون العراقية»، في إشارة إلى جلسة البرلمان التي جرت الخميس الماضي وحدث خلالها تشابك بالأيدي بين نواب كتلتي «العراقية» و «دولة القانون» ، بعد قراءة نائب من «العراقية» تقريراً عن انتهاك حق سجينات وما تبعها من اعتراضات من نواب عن «دولة القانون». وطالب المالكي البرلمان «برفع الحصانة عن هؤلاء النواب»، واتهمهم ب «الاهتمام بالمعتقلين المتهمين بالإرهاب وإهمال حقوق ضحاياهم من الأرامل والأيتام»، وزاد:»يسمعهم المواطن يتحدثون عن حقوق الإنسان وهم متورطون في جرائم الإرهاب». وهاجم بشكل غير مباشر الصدر وقال: «نجد ضجة ومعارضين وكلاماً عن حقوق الإنسان وليس من الصحيح أن يتحدث عن حقوق الإنسان ولديه ميلشيات تذبح وتقتل ويتحدث عن حقوق الإنسان والديكتاتورية». وكان الصدر وجه انتقاداً شديد اللهجة إلى المالكي أول من امس، مؤكداً أنه يتجه إلى الدكتاتورية ويسعى إلى إثارة أزمات مع الأكراد من خلال تشكيل قيادة عمليات دجلة في شمال البلاد. وانتقد المالكي أيضاً أعضاء لجنة النزاهة في البرلمان، وقال إن «أعلى صوت في اللجنة دفع خمسة ملايين دولار لتعطيل عمل لجنة التحقيق في شبهات الفساد التي تحوم حول عمل المصرف المركزي العراقي»، في إشارة منه إلى رئيس اللجنة بهاء الأعرجي، وهو قيادي في تيار الصدر. وأضاف أن «عضواً آخر دفع 10 ملايين دولار لهذا الغرض»، وزاد: «نحن لا نتعامل مع الأشخاص وفق مرجعياتهم في ملفات الفساد، بل نتعامل مع المفسدين سواسية»، مشدداً على أن «لا حصانة لمفسد». من جهة أخرى، انتقدت حركة «الوفاق الوطني» بزعامة اياد علاوي تصريحات المالكي، واعتبرتها تهديداً، وقال الناطق باسم الحركة هادي الظالمي ل «الحياة»، إن «تصريحات المالكي تحمل في طياتها مفاهيم خطيرة لمصادرة الدولة والعملية الديموقراطية في العراق». ولفت إلى أن «زعيم القائمة العراقية أياد علاوي سيجري محادثات مع رئيس الجمهورية جلال طالباني ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني للبحث في الأزمة السياسية، بالتشاور مع باقي القوى السياسية المعارضة لسياسات المالكي». وعن العودة إلى طرح الثقة بالمالكي، قال الظالمي: «حتى الآن لا يوجد شي رسمي، والمحادثات التي سيجريها علاوي وطالباني وبازراني سترسم الخطوات السياسية المقبلة». من جهته، اعتبر القيادي في الحزب «الديموقراطي الكردستاني» عبد السلام برواري، تصريحات المالكي تحذيراً، تأكيداً لتحذير الأكراد السابق من أن «سياسته تتجه نحو التفرد في الحكم وولادة نظام شمولي»، وأضاف في اتصال مع «الحياة» أن «المالكي يعمل على خرق كل الاتفاقات السياسية الموقعة بين القادة ويسعى لتحويل العراق إلى مؤسسة خاضعه له». وانتقد الأمين العام لكتلة «الاحرار» التابعة للتيار الصدري ضياء الأسدي، «تهديدات رئيس الوزراء المستمرة بكشف ملفات سرية في حوزته ضد الخصوم»، وقال في تصريح الى «الحياة» إن «تهديد المالكي أي كتلة أو شخصية سياسية تنتقده بكشف ملفات تدينه، لعبة سياسية غير مقبولة». وتساءل: «لماذا لا يكشف المالكي هذه الملفات؟ ولماذا يهدد بها في أوقات الأزمات السياسية؟ ولماذا لا يقدمها إلى القضاء أو البرلمان عند حصولها؟».